شهدت الأشهر الأولى من العام 2016 دفعًا للسياحة في لبنان، ما لبث أن تأثر الأمر مع الإهتزاز الأمني بعد تفجير بنك لبنان والمهجر في العاصمة، ومن ثم تفجيرات القاع على الحدود اللبنانية.
وقد ظهر ذلك في حجوزات الفنادق والمطاعم، وحتى في نسبة الشراء، لأن موضوع الإرهاب أصبح اليوم عالميًا، والسياحة قد تأثرت كثيرًا، ويبقى الإتكال اليوم على المغتربين اللبنانيين، وحتى هؤلاء معظمهم قد ألغوا حجوزاتهم إلى لبنان نتيجة للوضع الأمني.
الطريق فارغة، والأرصفة مسرحاً لأوراق الأشجار اليابسة، لا شيء سوى الهدوء المخيّم على شارعٍ، جميل لافتات المحال مطفأة، أو منزوعة، وأبوابها مقفلة بجراراتٍ إستوطنها الغبار.. هذا هو حال منطقة بحمدون.
آلاف السواح الخليجيين الذين يجدون في محطة بحمدون الشارع الأحب على قلوبهم منذ عقودٍ غابرة باتت اليوم شبه خالية منهم. 
فعندما كانت طريق الشام سالكة في الماضي بين دول الخليج وسوريا، وعندما لم يكن هناك أي تحذيرات تنصح الرعايا الخليجيين بعدم التوجه الى لبنان براًّ أو جواً، كان وضع محطة بحمدون مختلفاً. 
بالإضافة إلى ذلك فالتواصل البري بين لبنان ودول الخليج منقطع كليًّا، وهذا ما أثّر سلبًا على واقع السياحة في مناطق الإصطياف الجبليّة، ورغم إن الأمن في لبنان ممسوك، إلا أن الإستقرار السياسي هو العامل الأهم الغائب، وهو في حال توافر، كان ليعطي دفعًا للسياح الخليجيين للقدوم إلى لبنان.
ففي الماضي كان عدد الطائرات القادمة من السعودية والكويت والتي تهبط في مطار بيروت الدولي، يقدّر بـ30 طائرة يومياً، وكانت محطّة بحمدون تشكّل ديواناً أو صالون تلاقٍ للسواح الخليجيين، يزورونها بالآلاف يوميًا قادمين من نحو 40 قرية مجاورة في قرى الجبل في الشوف وعاليه والمتن، بهدف التسوّق وملاقاة الأصدقاء، ويقدّر عدد الشقق السكنية المفروشة والمحجوزة للسواح الخليجيين في محطّة بحمدون بـ 1200 شقّة، فيما لا تتجاوز النسبة المؤجّرة منها اليوم 30%.
لهذا فإن أزمة أسواق محطة بحمدون تعتبر جزءًا من أزمة عامة أصابت الأسواق اللبنانية وأضعفتها، فكيف يأتي التاجر للإستثمار في بحمدون وهو يعاني وضعًا تعيسًا في بيروت بسبب غياب السياح الخليجيين واللبنانيين المغتربين على حدٍّ سواء؟
وعليه فقد وصل عدد السواح الخليجيين الذين زاروا لبنان عام 2010 الى نحو 890 ألف سائح، في حين أن عددهم لم يتجاوز الـ200 ألف عام 2015، ومن المتوقّع أن يرتفع هذا الرقم عن العام الماضي بمعدل 50 الى 60 ألف زائر إضافي عام 2016 بسبب الأزمة التركيّة.
خلاصةً.. إن أهمية السائح الخليجي تكمن في أن نسبة إنفاقه وهي الأعلى على الإطلاق على الأراضي اللبنانية، فالسياح اللبنانيون المغتربون عددهم كبير جداً، لكن نسبة إنفاقهم متدنية مقارنةً بالخليجيين. 
من هذا المنطلق، خسارة لبنان للسائح الخليجي هي خسارة كبيرة، فهي تحرم الخزينة اللبنانية السيولة، فيما التداعيات على القطاع السياحي سلبية بسبب عدم وجود هامش ربحية كبير وإنخفاض عدد السواح في آن واحد.