يتمسك الرئيس نبيه بري بالحوار رغم مرارته وعدم قدرة المتحاورين على اجتراح حلول مفيدة للبلد ويبقى منهكاً ومنهمكاً بالحوار كونه خشبة الخلاص الوحيدة والإطار الممكن لضبط خلافات الشوارع في عناوينها المتعددة والمختلفة وخاصة ما هو متصل بالشحن الطائفي .
يدرك الرئيس أن من يجتمع حوله من جوقتي 8 و14 آذار دمى صغيرة غير قادرة على التوافق في شيء الاّ في ما يتعلق بمصالح الطبقة السياسية التي ينتمون اليها جميعاً ويبذلون لحفظ مكاسبها كل شيء بالتعاون وحتى في أصعب الحالات كونهم حرّاس النظام الطائفي الذي يمنحهم الامتيازات كافة .
ان ادراك النبيه لشيء معلوم وواضح للعيان يفرض عليه التعاطي معه لأنه الطريق الوحيد ولا توجد خيارات أخرى غير الحوار طالما ان القتال ممنوع حتى الان بين اللبنانيين لذلك أدمن الرئيس على الحوار حتى بات المشروب الألذ له ولعائلته من أفراد أسرة التنمية والمقاومة .
لا شك بأن امكانية توصل اللبنانيين الى رئيس للجمهورية ليس صعباً لأنه بمتناول أيديهم والدول الداعمة لتوجهات 8 و14 آذار غير مكترثة في موضوع غير حسّاس بالنسبة لها وهي حاضرة للمباركة اذا ما وجد طرفيّ الطائفتين السنية والشيعية مصلحتهما في الرئيس الماروني ولكن حسابات الداخل اللبناني تفرض على الطرفين الأساسيين ( حزب الله – المستقبل ) التريث أكثر مما مضى لأن مجيء رئيس بحسابات مارونية سيضع الرئاسة لصالح جهة وسيحصر التمثيل المسيحي المتنوع بتيّار نصفه مجنون ونصفه الأخر مازال عسكرياً بهيبة جنرال وهذا ما سيضع البلاد والعباد في مكان لا يحسدون عليه لذا عارض ويعارض العقلاء مجيء رئيس مخل بالتوازن الدقيق ويرحبون برئيس من بيت عائلي متفهم لطبيعة الرئاسة وللمصلحة العامة ولتركيبة القوى السياسية داخل الطوائف ومراعاة الارث السياسي بصيغته التقليدية والتي يتعاون من خلالها الزعماء وان اختلفوا وتقاتلوا لأن المصلحة الوطنية خيمة تتسع لعائلات الزعماء .
سيبدد الجنرال كل هذا التوازن القائم في البلد وسيلغي من المساحات الحرّة في الشارع المسيحي والماروني تحديداً وسيضع لبنان بوجه رياح المنطقة وسيستثمر بطريقة خاسرة وهذا ما سيشجع على مضاعفة الأزمة السياسية والاجتماعية في لبنان ويزيد من فرص التدهور الاقتصادي .
في فرنجية معطى آخر وهو أقرب الى ما هو قائم في الواقع ولا يسعى الى تغيير مكلف وهو جزء من لعبة حفظها وقرأها في كتاب جده ويعرف تماماً موقع لبنان العربي ودوره الناعم في سياسات المنطقة ومنسجم مع العقل المدبر للحوار وغيره ويؤمن بنبوة النبيه في لبنان ويهتدي به في طريق قلّ سالكوه .