طلع الجولاني  أمير النصرة سابقاً من لحية القاعدة ونقض بيعة أيمن الظواهري في مقابلة علانية أظهرته في ملامحه الجديدة واحداً من أهل الفنادق من جماعة المعارضة السورية بحيث أنه أخفى كل ملامح الشرّ فيه وبدت ملامح المعارض المعتدل تحاكي الوجدان السوري وتعطي دول الغرب ما تتمناه من معارضة سورية غير ملتحية بإيمان التطرف ضدّ مصالحها .
طبعاً ثمّة تسوية فرضتها تقاطعات عربية – تركية أدت الى ضغط حقيقي على النصرة لنقل بندقيتها من كتف التطرف الى كتف الاعتدال وبذلك تتم تسوية أوضاعها مع المجتمع الدولي الذي وضع النصرة على لائحة الارهاب وهذا ما يشير الى أن الدول المعنية في الحرب السورية قد بدأت تفكر بعقلانية اكثر مما كانت عليه من عناد وغضب أعمى جعلها تعمل في سورية بطريقة غبية .
في اللحظة الراهنة وعلى ضوء ما جرى ويجري في حلب لجهة الصمود و " التحرير " والخسائر الفادحة في الحجر والبشر أمست حلب كتلة رماد لا حاجة لأحد بها وهذا ما دفع حزب الله الى استغلال ما أنجز في حلب الى دعوة المملكة العربية السعودية الى التسوية رغم أنها متهمة بالتعاطي مع العدو الاسرائيلي بهدف ضرب المقاومة ومع ذلك تفتح لها الأبواب كيّ تسهم في اراحة الجميع من المستنقع الذي دخلوه وظنوه نزهة عسكرية سرعان ما تنقضي .
هناك من يربط بين ما طرأ على النصرة من تحول وانتقال من التطرف الى الاعتدال وبين دعوة أمين عام حزب الله الى المساهمة السعودية في الحلّ السوري ويعتقد بأن غياب الطرف الداخلي عن أي مفاوضات حول مستقبل سوريا هو مكمن الخلل في أي تسوية مطلوبة ومع بروز النصر كفتح للشام بات الطرف الداخلي موجوداً وبقوّة ميدانية هائلة وبغطاء عربي واقليمي وتأييد دولي وهذا ما يعني أن مرحلة سورية جديدة قد بدأت  بين الجولاني وحزب الله مع الظهور الجديد للنصرة باسم فتح الشام.
لقد رفضت العربية السعودية دعوة أمين عام حزب الله واعتبرت الحزب منظمة ارهابية لا تملك صفة رسمية تعطيها الحق في دعوة أحد الى أشياء هي لا تؤمن بها وتتصرف بتقرير مسبق من دولة الفقيه لذا تبدو المملكة معنية بما يصدر عن الفقيه نفسه وتصرّ على حرب ضروس تحجم من دور ايران الذي تمادى وطال أمن المملكة وتعتبر أن الفرصة الآن لصالحه خاصة وأن التأييد العربي بهذا الحجم لم يتوفر لغيرها من الدول العربية المركزية وهي ثبتت نقطة مشتركة بين العرب بأن ايران عدوة ويجب كف يدها عن المنطقة.
فهل باتت التسوية السورية قاب قوسين أو أدنى ؟ أنا أشك وبقوّة في ذلك ..