لا فرق بين الافتراض أو عدم الافتراض بأن هناك حربا بين هذين البلدين ( السعودية وإيران) اللذين يمثلان الإسلام بشقيه السني و الشيعي سياسياً، حيث إن هناك ممثلين دينيين آخرين بجانبهما (كمصر والعراق)، لأن تكاليف ما يجري بين هذين البلدين من المواجهات أو الحروب بالوكالة ليس أقل من تكاليف الحرب العراقية الإيرانية، وإذا كانت تلك الحرب دارت بين بلدين وفي حدود جغرافية محددة ومحدودة فإن الحرب - ولو أنها بالوكالة- بين السعودية وإيران تدور الآن في حدود أكثر من بلد، من سوريا إلى اليمن والعراق.

ما ذا كلفت هذه المواجهة البلدين اقتصادياً أو ما هي اقتصاديات تلك المواجهة؟

اولاً استخدمت المملكة السعودية النفط كعامل للضغط على إيران خاصة بعد حصول إيران إلى اتفاق مع الغرب بشأن برنامجها النووي ما رشّحها للعودة إلى المجتمع الدولي وأتاح لها فرص اقتصادية وخاصة استرداد عوائدها النفطية المجمدة. وهذه الحال كانت تجعل إيران في موقع القوة والقدرة على دعم حلفائها في المنطقة من النظام السوري إلى حزب الله وغيرهما.

وكانت السعودية عبر تنزيل أسعار النفط إبقاء إيران في موقع الضعف حتى لا تتمكن من التقدم في جبهات المواجهة، ولكن تلك السياسة النفطية أضرّت بالسعودية أكثر مما أضرّت بإيران، لأن المملكة أصيبت بنقص في ميزانيتها في العام 2015 ما يعادل 95 ميليار دولاراً ما دفع السعودية باستخدام أموالها الاحتياطيه. ثم وجّه صندوق النقد الدولي إنذاراً للمملكة بأنها سوف تخسر جميع ذخائرها المالية بعد خمسة أعوام بحال استمرار أزمتها.

ثانياً: أما وقوف إيران بجانب نظام بشار الأسد أيضاً كان مكلفاً لها وأثقلت كاهلها وهي نفسها في جميع تلك السنوات كانت تعاني أِد العقوبات الدولية بسبب برنامجها النووي. ودفعت إيران ميليارت دولاراً للنظام السوري وبالرغم من أن ليس هناك إحصاءات دقيقة لحجم تلك المساعدات، إلا أنها ربما يقدّر إلى أكثر من 5 ميليارات دولاراً. ولكن المملكة أيضاً تضررت كثيرا بسبب دعمها المعارضين المسلحين في سوريا.

ثالثاً: لم تخسر إيران شيئاً في اليمن اقتصادياً وبالرغم من أنها كانت مستعدة لمساعدة الحوثيين مالياً وتقنياً وعسكرياً ولكن السعودية ومتحالفوها لم يسمحوا لها بنقل تلك المساعدات وصرف الأموال هناك، ولهذا يممن القول بأن حجم تكاليف إيران في اليمن كانت ضئيلة جداً مقارنة مع التكاليف التي دفعتها السعودية هناك، تتجاوز 5.3 ميليارات دولاراً وفق وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي.

وليس خفياً بأن هذا المبلغ بالإضافة إلى الأموال التي صرفتها إيران لعسكرة الحوثيين كانت كفيلة بإعمار اليمن إلى حد كبير.

رابعاً: إن إيران تدفع في العراق أكثر بكثير مما تدفع السعودية، ولكن لا شك بأن إيران تربح أيضاً من صادراتها إلى العراق حيث احتلت السوق العراقي.

تلك زوايا لاقتصاديات الحرب أو المواجهة بين إيران والسعودية في المنطقة، ويبدو أن ليس هناك طرف منتصر على الآخر في نهاية المطاف.