قبل تسعة أشهر من انتهاء ولاية الرئيس روحاني يبدو أن المسار السياسي والصراع على السلطة بين السياسيين وبين العسكر في إيران لا يختلف كثيرا عما هو في تركيا حيث العسكر المتمثل في الحرس الثوري لا يُخفي استهواءه للوصول إلى السلطة السياسية دوماً وإن عبر سياسيين مقربين منهم وإن عبر جنرالات متقاعدين له، والمشهد السياسي الراهن في إيران يشبه المشهد التركي، إذ يجري فيها محاولات حثيثة لإسقاط الرئيس روحاني عبر فتح جبهات عدة أمامه بحيث يُفقده التركيز ويدفعه إلى استسلام أمام المحافظين المتشددين.

بدءت الحرب ضد الرئيس روحاني بعد حصول الاتفاق النووي الذي يعتبره المتشددون خيانة كبرى لأن روحاني تنازل في المشروع النووي مقابل لا شيئ ولم يتمكن من رفع العقوبات. وفي المقابل يؤكد فريق روحاني بأن رفع العقوبات غير النووية لم يكن ضمن الاتفاق والطرف الآخر لم يخرق الاتفاق حتى اللحظة، بالرغم من أن هناك مشاكل وعراقيل تنفيذية أمام رفع العقوبات.

وفي نفس الوقت كشف المتشددون فواتير الرواتب العالية لثلاثة آلاف من المسؤولين في حكومة الرئيس روحاني كورقة للضغط على الرئيس واستهداف شعبيته، مما دفع الرئيس إلى إقالة عدد منهم قبل التحقيق في حقيقة الموضوع وأسبابه. نعم هناك رواتب خيالية لعدد من المسؤولين وخاصة مدراء المصارف، ولكن أساس المشكلة يعود إلى تعميمات الحكومة السابقة التي رفعت تلك الرواتب وليس حكومة روحاني.

ويحاول المتشددون أن يُظهروا بأن هناك صلة وعلاقة صداقة  بين شقيق ومستشار الرئيس روحاني (فريدون) وبين أصحاب الرواتب الخيالية، ولم يكتفوا بهذا في التهجم على شقيق الرئيس واتهموه باستغلال موقعه للقبول في الجامعة أو الانتقال من جامعة إلى أخرى.

هذا وأن شقيق الرئيس روحاني ينفي التورط في ملف مدراء البنوك، كما يؤكد على عدم ارتكابه مخالفة القوانين في موضوع القبول في الجامعة، كما أكدت وزارة التعليم العالي على ذلك، ولكن هناك تعمد واضح من قبل المشتددين على ضرب كل ما له صلة بالرئيس روحاني.

وهكذا بدء المتشددون حملتهم الانتخابية المبكرة ليس عبر مرشحهم، بل عبر ضرب مرشح الإصلاحيين كسر شعبيته وفضحه عند الرأي العام، لأنهم يعرفون جيداً بأن لا أحد يقدر على منافسة مرشح الإصلاحيين، حتى لو لم يكن هذا المرشح إصلاحياً، كما أن روحاني لم يكن إصلاحياً ولكن رشّحه الإصلاحيون، فضرب مرشح الإصلاحيين، يُعبّد الطريق ويُعد لانتصار مرشحهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وبعد كسر شعبية الرئيس روحاني وفضحه لأسباب واهية وعارية عن الحقيقة، سوف يتجه مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المتشددون ويرأسه الشيخ أحمد جنتي، إلى رفض أهلية الرئيس روحاني للانتخابات المقبلة، ويكرر نفس السيناريو التي جرّبها مع الرئيس رفسنجاني في 2013 عند ما رفض أهليته وقبل أهلية روحاني مرشحاً للرئاسة.

وهكذا ستكون خارطة طريق الانقلاب ضد الرئيس روحاني والحؤول دون ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، فهل سينجح الرئيس روحاني في إفشال هذا الحلم الذي يراه المتشددون في المنام ويحاولون تحقيقه في الواقع؟ 
اما الاصلاحيون يؤكدون على ان لا بديل لديهم عن روحاني في الانتخابات الرئاسية المقبلة ولكن هل سيتمكون من فعل شيئ بحال رفض اهلية الرئيس روحاني للترشيح من قبل مجلس صيانة الدستور؟!

 بالتأكيد الجواب هو النفي، إلا أن تكون مقاطعة الانتخابات ضمن خياراتهم في الانتخابات، وهذا الخيار يُكلّف النظام كثيراً بحال تحقيقه.