أفرح الرئيس التركي الطيب أردوغان قلوب المؤمنين من محبيه كما أنه أبكى قلوب كارهيه عندما سيطر على الانقلاب وأثبت جدارة في الادارة السياسية  المستندة الى شرعية وطنية وفرت له القوّة التي لا يتمتع بها أحد من الرؤساء في منطقة أوسطية محكومة بالجزمة الأمنية والعسكرية وبمستبدين تحولي مع الزمن الى آلهة تعبد من قبل شعوب معتادة على عبادة الأصنام .


ما حصل في تركيا ليس مشهداً من مشاهد الاختلاف القائم ما بين جنرالات في الجيش وبين حزب العدالة والتنمية أيّ أنه ليس نتيجة صراع علماني – اسلاموي  بقدر ما هو حدث داخلي ولكن بأبعاد داخلية احتشدت فيه كل الدول والجهات المعترضة على سياسات تركية الأردوغانية  خاصة وأن الانقلاب قد حصل بعيد سلسلة من الأهداف الأمنية المشبوهة والتي طالت تركيا للتخريب عليها والضغط عليها بهدف نأيها عن سياساتها في المنطقة  وخاصة  في الموضوعين السوري والكردي اضافة الى تسهيلاتها اللوجستية لتنظيم الخلافة في سوريا والعراق .


كان يتوقع الداعمون للانقلاب سيطرة الانقلابين وبسرعة على الشارع التركي بدعوة الخلاص من سياسات العدالة  والتي كلفت تركيا الكثير من الاخلال في الأمن والكثير من الانقسامات في وجهات النظر في مجتمع حيوي يعطي المعارضات دوراً في النقد للحكومة . لكن يقظة السلطة بددت أحلام الحالمين بانقلاب يعيد المنطقة الى منطق قديم حيث كانت الانقلابات اليومية ديدن الوصول الى السلطة .


برهن أردوغان أنه على قدر عال من المسؤولية وأنه ليس مجرد زبون سياسي عند الادارة الأمريكية فيعطيها كل شيء وتمنحه الحماية من شعبه ومن جاره كما هو حال الدول التي باعت نفسها للشيطان الأميركي وأن الديمقراطية ممكنة في الشرق الأوسط وهي قوّة الحماية للدولة وليست العصا الغليظة ولو كان الرئيس التركي غير منتخب من الشعب لنجح الانقلاب بتدافع الناس الى الفوضى استغلال للحدث وللتعبير عن مدى الضغوط التي يعيشونها جرّاء القهرين السياسي والاجتماعي تماماً كما حصل في سوريا اذ خرج الناس عندما سنحت فرصة جدية لهم لقول الحقيقة المرّة بوجه نظام لا يرحم .


لقد تحول أردوغان الى بطل قومي بقامة مؤسس تركيا العلمانية أتاتورك والى بطل اسلامي بقامة خليفة عثماني والى بطل اخواني جعل منه المرشد الفعلي للإخوان المسلمين في العالم وهذا البطل وضع تركيا في صفوف الدول القائدة لمنطقة الشرق الأوسط ولكن بمعايير دولة قوية بديمقراطيتها وقوّة اقتصادها لا بقوة فعل الدول الأخرى على إحراز الفوضى واستخدام أدوات الأمن لتعزيز أدوارها المتقدمة في المنطقة .


من اسقاط الطائرة الروسية الى اسقاط الانقلاب التركي حظيّ  أردوغان وحزبه بمكانة خاصة على مستوى الشعوب الاسلامية وهذا ما جعل من الرئيس التركي خليفة للمسلمين بحجم الخلفاء السابقين من العثمانيين .