شكلت قضية شبكة الإتجار بالبشر التي كشف النقاب عنها منذ أيام مادة للسجال السياسي والإعلامي، امتدت من على شبكات التواصل الاجتماعي إلى بعض الوسائل الإعلامية، ثم المؤسسات القضائية المعنية بهذه الشبكة . وفي سياق ملابسات هذه القضية وما كُشف عنه من معلومات، لم يسلم وزير الداخلية نهاد المشنوق من بعض التداعيات المفبركة التي حاولت زج وزارته وإسمه بهذه القضية وبالتالي محاولة النيل منه شخصيا .

ربما هي مناسبة جديرة بالإستغلال السياسي _ القبض على شبكة الإتجار بالبشر _  للنيل من نهاد المشنوق شخصيا وهو الوزير الذي وصل إلى عمله السياسي كوزير من خلال سيرته الصحفية المعتدلة والمتزنة، ومن خلال خلفيته الثقافية القائمة على مبدأ التواصل والتلاقي والحوار والإعتدال، ولعله وزير الداخلية العربي الوحيد في نادي وزراء الداخلية العرب الذي لم يصل إلى منصبه من خلال أي خلفية أمنية،  بل إن كفاءته وإتزانه واعتداله أوصلته الى هذا المنصب الذي يحتاج إلى شخصية سياسية مسؤولة ومعتدلة بالنظر الى الوضع السياسي المعقد الذي تشهده الساحة اللبنانية تحديدا .


لقد تفرد نهاد المشنوق كسياسي أولا، وكوزير في حكومة الرئيس سلام ثانيا ، بمواقفه المتوازنة على كل صعيد، وكان إلى الأمس القريب صمام الأمان في أصعب المراحل السياسية والأمنية التي عاشتها البلاد بدءا من التهديدات الإرهابية التي تعرض لها لبنان، وصولا إلى الإهتزاز السياسي الذي شهدته البلاد على خلفية مظاهرات الحراك المدني، فكان نهاد المشنوق الرجل السياسي المسؤول بكل معنى الكلمة، واستطاع بحكمته واعتداله تجنيب البلاد تبعات التهديدات الإرهابية والإرتدادات      السلبية التي رافقت حركة الشارع الشعبية من مظاهرات واعتصامات، فحفظ حق الشارع بالتظاهر وكانت تعليماته واضحة في ضبط الأمن وحماية حق التظاهر، وعبّر بذلك عن مسؤولية وطنية كبيرة جنّبت البلاد والعباد الكثير من الويلات السياسية والأمنية .


على الصعيد الخارجي استطاع نهاد المشنوق أن ينأى بلبنان عن مسار الصراع المحتدم بين إيران والسعودية فكانت مواقفه في اجتماع وزراء الداخلية العرب منسجمة مع حسّه الوطني وبيئته اللبنانية، فلم يشأ الخروج عن النسيج الوطني اللبناني وأدرك كمسؤول وبكل وطنية مخاطر انسياق لبنان الى تحالفات لن تكون في صالحة، وستؤدي الى فتنة طائفية وأهلية،واستطاع تحييد لبنان عن هذه الصراعات التي ما كانت ولن تكون في صالحة .

قرر نهاد المشنوق الإعتدال والتوازن وقدم مصلحة الوطن على مصلحة الفرد والحزب والطائفة حتى انتقده الجميع وخصوصا من هم في تياره السياسي، لكنه أصر على خياراته السياسية الصحية والصحيحة، حتى أدرك كثيرون صوابية هذه الخيارات ووطنيتها .


تلك هي إذن القضية ومن هنا يدفع نهاد المشنوق اليوم ثمن مواقفه المسؤولة والشجاعة فلجأت بعض الأقلام المأجورة وبعض الإعلاميين المعروفين، إلى زج إسم الوزير المشنوق ووزارته في قضية شبكة الإتجار بالبشر، واستُدرج عن قصد للدخول في سجالات من هذا النوع لم يكن مضطرا للدخول فيها، لأن أي لبناني يعرف سيرة نهاد المشنوق الوطنية وكل لبناني يعرف نقاء نهاد المشنوق ونظافة يديه من قذارات السياسية اللبنانية.