هاي بلد ؟ لا مش بلد!.. هاي قرطة عالم مجموعين  هذا التساؤل كما الإجابة عليه الذي صاغه زياد الرحباني في أحد مسرحياته منذ أكثر من ثلاثة عقود لا يزال هو نفسه مطروحًا بقوة على اللبنانيين شعبًا وحكومة ومؤسسات وشخصيات ومجتمع مدني وكل ما يمت " بالقرطة " بصلة وكذلك الحال بالنسبة للجواب على التساؤل فلا يزال هو الآخر يراوح مكانه بدون أيّ تعديل يذكر. 

  لقد شهدنا في اليومين الفائتين على إثر تغريدة المطربة الإماراتية أحلام وما قد نشر من كاريكاتورعلى صفحة جريدة الشرق الأوسط، ما يحاكي كلاهما واقع الحال الذي عبّر عنه الرحباني وما يتداول يوميًا على ألسنة اللبنانيين أنفسهم وفي إعلامهم وصفحات الفيس بوك وحتى ألسنة سياسييهم وولاة أمرهم. 

  هذه الجدلية حول توصيف لبنان وما هو عليه، دفع اللبنانيين في الماضي وسوف يدفعون من حاضرهم ومستقبلهم الكثير من الحروب والأزمات والمآسي الكثير الكثير ولكن للأسف من دون أن يصلوا إلى إمكانية وضع حد نهائي لهذه الدوامة التي تشكل رحم ولادة لكل المشاكل. 

  لم يعِ اللبنانيون وعن سابق تصوّر وتصميم أنّهم لا يزالون يعيشون في زمن ما قبل قيام الدول، وزمن ما قبل نشوء الأوطان بالمعنى الحديث للكلمة فأوّل معايير قيام الأوطان ليس هو الأرض ولا الشعب فقط بمَا يمثلان من دعاماتان أساسيتان، إلاّ أنّ الدعامة الثالثة والتي بدونها يفقد الوطن سيبته الثلاثية التي يعتمد عليها إنّما هي الدستور والقوانين وبه فقط يمكن أن يكتمل ويتزن مشروع وقوف البلد ليصير وطنًا بكل معنى الكلمة. 

  يؤكد اللبنانيون كل يوم أنّهم لم يصلوا بعد إلى مرحلة الإقرار بأنّهم يخضعون لمنظومة من القوانين والدساتير لا يمكن اختراقها أوالعبث بها، حتى أنّ أولئك الذين استفزهم كاريكاتور جريدة الشرق الأوسط وخدش لبنانيتهم إنّما وجدوا أنفسهم من خلال اعتدائهم على ممتلكات الجريدة واقتحامها في المطرح الذي يؤكدون فيه ما هم معترضون عليه من إساءة مفترضة للدولة ومؤسساتها إذ لا يعقل لمن أخذته الحمية على لبنان أن يتصرف بخلفية القبيلة إن لم نقل بخلفية شريعة الغاب 

  هذه الحقيقة المرة التي تقول أنّ اللبنانيين لا كرامة ولا احترام لدستورهم وأنّهم يسحلونه ساعة يشاؤون أعتقد أنّها لا تحتاج إلى كثير من إعمال العقل ولا تحتاج إلى البراهين والأدلة، خاصة أنّنا في مرحلة الشغور الرئاسي وزمن التمديد الثاني للمجلس النيابي.

  لسنا في هذه العجالة بوارد التوسع ولا بمكان تحميل المسؤوليات عمّا وصلنا اليه، فإنّ أقلّ التقدير بهذا المجال هو اعتبار أنّ الشعب اللبناني أفراد وأحزاب ومجتمع مدني وفي مقدمتهم يقف القضاء والطبقة السياسية على رأس أوّل قائمة متحملي المسؤولية والسبب بما نحن عليه.

  ويحسن القول في الختام أنّه وقبل مطالبة الاخرين كل الاخرين باحترام "بلدنا" علينا قبل ذلك أن نحترم نحن قوانيننا ودستورنا، لأنّ شعبًا لا يحترم دستوره هو شعب ليس جديرًا بالاحترام من أحد، ونحن وحدنا الذين نساهم للأسف في الإبقاء على لبنان كحقيقة... ضائعة