ينافح الكثيرون الحزب على وجوده في سوريا كمقاتل في سبيل الأسد الذي خسر كل شيء وبات مجرد موظف ايراني صغير في مكتب قصر الرئاسة المحاط بعناية الحرس الثوري مخافة ضياع آخر ما تبقى في سوريا من مؤسسة نصف معترف بها من قبل المجتمع الدولي ويرفض البعض تدخل حزب الله وجرّ لبنان الى حرب طائفية مذهبية بغيضة شأنها أن تنسف الجميع وتضعهم في حُفر القبور .  

هذا الاعتراض القديم الجديد لا يحاكي الحقيقة وانما يدور حولها ليصطنع له سبباً عن توريط لبنان المجدي في حرب ستحدد نتائجها صيغة لبنان الجديدة .

  وعليه فإن الحزب يقاتل هناك دفعاً ودفاعاً عن دوره وعن وجوده في لبنان وفي خارطة منظومة المصالح الايرانية في العالم لهذا هو في ساحة من أهم الساحات بالنسبة اليه وما زرعه للدماء في سوريا الاّ من قبيل تكريس حضوره النهائي فيها كهوية سياسية وكمكون طائفي غير وافد أو زائر للمقامات " الزينبية " وبناءً عليه فإن من يتحدث عن خروج الحزب من سوريا تحت أيّ عنوان من العناوين هو حالم بكابوس مُظلم وقد يخرج الرئيس السوري من الحكم ولكن حزب الله سيبقى في صيغة التسوية بشكل طبيعي باعتراف دولي راعي لحقوق الأقليات في سوريا ذات الأكثرية السُنية .

  تتُم قراءة حزب الله " السوري "  قراءة سطحية مرتبطة بارتباط حزب الله في ايران وتلبية الأول لأوامر الثانية  على خلفية حماية نظام أكثر أوراقه كانت في السلّة الايرانية ويبنون على سطح هذه القراءة دعوات أخلاقية وانسانية ودعوات مُدينة له على جريمة قتاله للشعب السوري وللارهاب المُصنع في سوريا .

  لقد خفيّ عنهم أن حزب الله في ثورات الربيع العربي قد وُضع في موقع لا يُحسد عليه فإمّا  أن يكون الى جانب الخيارات الجديدة وإمّا  أن يكون الى جانب الخيارات القديمة وأكثرها مرارة الدفاع عن أكثر الانظمة العربية استبداداً خاصة وأن موجات التغيير العربي ملبية لشروط اجتماعية لا لشروط ثورية من قبيل مواجهة الاستعمار ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي أيّ أن هناك ثورات عربية مهتمة ولأوّل مرّة في تاريخها بمجالها الاجتماعي وبمبدأ المشاركة السياسية لا بأغاني الامبريالية والاشتراكية الثورية والصراع العربي – الاسرائيلي ورفع شارات النصر مع كل خسارة من خسائرنا الفادحة.

  لذا انحياز الحزب للشعارات القديمة ذات الخيبة والنكسة والنكبة أفقده رصيده في العالم العربي والاسلامي وحوله من حزب مقاومة الى حزب طائفي مذهبي يتغذى على حروب أهل السُنة وجاءت حدّت الحزب مع السعودية لتكمل دعوات اسقاط الحزب في المستنقع الطائفي المذهبي فيتحول الى عدو كامل المواصفات لأكثر من مليار سُني بعد ما كان رمزاً لأقل من مليار سنُي .

  في العودة الى حزب الله " السوري " يحلم من يرى الحزب خارج المشهد السوري حرباً أو سلماً وهو مكمل لدوره المقاوم في بلد يحدد مصير لبنان وطبيعة التوازنات فيه .