كما توقعت نتائج الاستطلاعات قبيل أجراء الانتخابات ونشرها موقع لبنان الجديد يوم الجمعة، تمكن التيار الإصلاحي من فرض هزيمة مؤلمة على التيار المحافظ المتشدد، وذلك بالرغم من إبعاد 99 في المائة من المترشحين الإصلاحيين، بذريعة عدم الالتزام بالإسلام أو بالدستور أو الاثنين!
    وكدليل على هزيمة المحافظين في انتخابات البرلمان يكفي أن نعرف بأن 118 من أصل 218 مرشحا فازوا في الدورة الأولى من الانتخابات، هم من الإصلاحيين أو المستلقين، وكانت نتيجة الانتخابات في العاصمة طهران التي لديها 30 مقعداً في البرلمان أكثر مفاجأة حيث فاز 30 مرشحاً من قائمة الإصلاحيين ولم يفز أحد من المرشحين المحافظين، من بينهم غلام علي حداد عادل رئيس البرلمان السابق وبرويز داوودي المعاون الأول للرئيس أحمدي نجاد ومرضية وحيد وزيرة الصحة السابقة في حكومة أحمدي نجاد، عدد من جنرالات الحرس المتقاعدين من أمثال النائب كوثري وكتشيك زاده وفدائي، ولأول مرة في تاريخ إيران ما بعد الثورة يخسر جميع نواب طهران الحاليين مقاعدهم للدورة المقبلة من البرلمان.
    وللمناسبة يتصدر قائمة الفائزين في طهران محمد رضا عارف المعاون الأول للرئيس محمد خاتمي، تجاوز عدد أصواته ميليونين وخمسمائة، ليسجل رقما قياسيا في تاريخ الانتخابات النيابية في العاصمة.
    أما في انتخابات مجلس خبراء القيادة أيضاً سجل الاصلاحيون فوزاً ساحقاً على المتشددين، وتمكنوا حتى اللحظة وبعد فرز 3 ملايين من الأصوات، من إبعاد 2 من الثلاثة المتشددين وهم ( آية الله مصباح يزدي و آية الله محمد يزدي) ووقع آية الله جنتي أمين عام مجلس صيانة الدستور على حافة الهاوية، ويفيد معلومات غير مؤكدة على أن جنتي أيضاً سقط في الانتخابات.
    يتصدر آية الله هاشمي رفسنجاني الفائزين في انتخابات مجلس خبراء القيادة، بأكثر من ميليونين وخمسمائة صوتاً حتى الآن وفرز الأصوات يستمر حتى الاثنين.
    وهكذا تمكن التيار الإصلاحي من الوصول إلى غاياته في الانتخابات، ولقّن المتشددين درساً لن ينسوه، وإن قصر الأعمار لن يسمح لغالبيتهم وهم تجاوزوا العقد الثامن من العمر.
    لم يكن المتشددون يتوقعون هذا السيل العارم للمشاركة الشعبية الواسعة بعد أن رفض مجلس صيانة الدستور أهلية الإصلاحيين وحتى المعتدلين من المحافظين،، وكانوا يأملون بأنهم سيفوزون في الانتخابات النيابية ومجلس خبراء القيادة بعد مجزرة إبعاد المترشحين الإصلاحيين.
    ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، وكانت رسالة الرئيس محمد خاتمي كفيلة لأوسع مشاركة انتخابية إيرانية، وبالرغم من الحظر الإعلامي الذي فرضه السلطة القضائية على الرئيس خاتمي ولكنه دعا من خلال فيلم قصير إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع والتصويت للقائمتين وأكد قائلاً: إنني أدعو إلى التصوريت لكلتا القائمتين؛ أكرر لجميع المرشحين في كلتا القائمتين".
    هذا الفيلم القصير تناقل بين مختلف المواقع الاجتماعية وخاصة "تلغرام". ولن نجانب الصواب لو نقول بأن الـ تلغرام في إيران انتصر على المحافظين المتشددين واجتاح صفحة الإعلام الرسمي المرئي والمسموع وهو الإذاعة التلفزيون الإيراني الذي لم يكن ملتزما للحياد وكان منبراً إعلامياً للمحافظين بكل وقاحة! إذ اعتبر أن قائمة الإصلاحيين هي قائمة الانكليز!
    وفعلاً انتصر قائمة الانكليز! على قائمة المحافظين، ولكن المحافظين لن يعتبروا كما لم يعتبروا من هزائمهم السابقة، لأنهم ليسوا أولي الأبصار.