خرجت مساء الأمس من قلب الضاحية الجنوبية لبيروت مجموعات من الهمج الرعاع أقفلوا الطرقات وأشعلوا الإطارات والأخطر من كل ذلك أنّهم تناولوا بأقذع السباب والشتائم وأساؤوا لصحابة رسول الله والخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؟ 
  كل ذلك كان تحت عنوان رفض ما اعتبره هؤلاء الزعران أيضاً أنّه إساءة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله،  من خلال ما بث من مقطع لبرنامج كوميدي على إحدى المحطات الفضائية، تناقل الاعلام وبالخصوص صفحات التواصل الاجتماعي مقاطع الفيديو التي تظهر ما اقترفوه زعران الضاحية من أعمال مشينة وألفاظ نابية وانتشرت على اوسع نطاق. 
  فإذا كان الإلتزام بالموضوعية يفرض علينا قول الأمور كما هي وتجبرنا على قول الحقيقة بغض النظر عن الإختلاف بوجهات النظر ولو جذرياً، وحتى ولو صبّ ذلك لمصلحة من نخاصم وأبرزهم حزب الله فإنني استطيع القول بكل اطمئنان وبدون  تحمل عناء السؤال والبحث حتى، أنّ هؤلاء الزعران والهمج والسبابون لا ينتمون إلى حزب الله بالمعنى التنظيمي للكلمة، وأستطيع أنّ أجزم أنّ ما تفوّه به هؤلاء الحمقى لا يمكن حتماً ان يصدر من أفواه عناصر تنتمي للحزب مباشرة، الذي يحرم شرعاً مثل هذه الألفاظ البذيئة أو أن يخالف فتوى المرشد الخامنئي بالتطاول على رموز أهل السنة.
  ولكن هذا لا يمكن أن يعفي الحزب من المسؤولية عن كل ما جرى أو يمكن أن يجري بالقادم من الأيام، ولا يمكن أن يعفيه ايضا من مسؤولية ما وصلنا إليه من انحدار أخلاقي أصاب ويصيب كل يوم شرائح واسعة من شباب الضاحية المتفلتون من اي روادع اخلاقية وما وصلت إليه حالة كثيرون من شباب الشيعة من تخلف ثقافي وفكري واجتماعي يجعلهم يقومون بما قام به أولئك وهم مطمئنون الى أنّ أحداً لا يمكن أن يحاسبهم فضلاً عن أنّ أحداً لن  يتجرأ على معاقبتهم. 
  هذه الحالة التي أوجدها حزب الله في الشعور واللا شعور عند البيئة الحاضنة له، وأنّ واحدهم هو فوق القانون وفوق المساءلة وأنّه ينتمي الى بيئة ولو جغرافيا ( بمجرد أنّه من أبناء الضاحية ) هي محصنة بفائض من القوة والمناعة والاستعلاء على الأخر والتكبر والعجرفة واللا مبالاة بمشاعر الأخرين وإمكانية التطاول على من تشاء ساعة تشاء وكيفما تشاء بدون أي حراجة أو حسابات كل تلك الأجواء هي السبب الذي يقف خلف ما شهدناه بالأمس. 
  إن إحساس ابن الضاحية أنّه ينتمي إلى دولة هي أقوى من الدولة اللبنانية، وأنّه عضو في مجتمع هو فوق  باقي المجتمعات المحيطة به، وبالتالي فإنّه يحق له وحده ما لا يحق لغيره وأنّه يَسأل ولا يُسأل، كل ذلك كان السبب الحقيقي خلف ما شهدناه بالامس من مناظر مقززة. 
  فإذا كان حزب الله  يستطيع التبرؤ من هؤلاء على المستوى الشخصي، فإنه حتما لا يستطيع ان يتبرء منهم لا على المستوى الثقافي ولا على مستوى السلوك، وكذلك يستحيل عليه التبرؤ من خلق تلك الأجواء التي ساهمت على إيجاد البيئة  المناسبة لهم عن قصد أو غير قصد، لأن دولة الضاحية التي أنشأها الحزب تحت يافطة المقاومة والمجتمع المقاوم تحوي من كل الاشكال وفيها رعايا من الغث والسمين والأدمي والأزعر، وبما أنّ الحزب هو وحده صاحب الأمر والمنع فيها فإنّه المسؤول حصراً عن كل ما يخرج منها .