تُدين الجماهير الشيعية الغفيرة بالولاء المنقطع النظير لكل من الرئيس نبيه بري والسيّد حسن نصرالله وهي على استعداد دائم للزود عنهما بشتى الطرق والوسائل وهذا ما غذى من دورهما كقائدين لا ثالث لهما في طائفة اغلقت أبواب أرحامها على ولادة قيادات جديدة لأنها اكتفت بهما واجتبتهما الى الأبد لافتتانها بسحرهما الخاص وبمواصفاتهما التي قدّ تكون استثناءً غير مشكوك فيه بالنسبة للموالين من شيعة حزبيّ أمل والله.

ان بلوغ كل من زعيميّ الطائفة رُتبة قيادة آمرة وناهية للجميع فتحت شهية البعض على اضافة رتب أخرى أعلى من الزعامة والقيادة بما يضعهما بمصاف الأولياء الذين لا يُقارنون ببشر من جبلة عادية لا قداسة ولا طهارة فيها وهذا ما أسّس لغلو قاتل لأيّ جدل سلبي بحقهما ونزههما عن أيّ خطأ يرتكبه الخطاؤون باستمرار .

لا شك بأن ولادة السيّد القيادية جديدة ومستحدثة مًقارنة مع قيادة الأستاذ الذي ذاع صيته منذ ترأسه لرئاسة حركة أمل وحافظ على دوره الريادي والطليعي حتى في الفترات التي تراجعت فيه أدوار أمل في السياسة اللبنانية وخاصة بعد اعتماد حزب الله كشريك قوي للحركة ومن ثمّ كقوّة مُتفردة وممسكة بلبنان من أقصاه الى أقصاه لفقدان توازن القوى وميلها كلّ الميل لحزب استطاع أن يبني مجده السياسي بإرادة جهادية عالية ونتيجة لضعف ملحوظ في فريق سياسي مُركّب بطريقة هزيلة وهذلية من تيّار ابن والعمّة وابنيّها (المستقبل )وجوقة من هوّاة جمع الطوابع البريدية الى يسار مترمل ويمين مسيحي أقصى ما يطمح اليه حصّة عائلية في حكومة أو نيابة .

لا أحد في لبنان يملك مواصفات وقدرات حزب الله والكل هزيل أمامه ويسعى أعداؤه الى مُراضاته بوسائل وطرُق دونية كما أصدقاؤه من زبائن النعم المعنوية والمادية وحده الرئيس بري يملك مواصفات الحزب القاهرة فحركته حاضرة وجاهزة ومستعدة لملاقاته في النقطة التي يحددها وهي تملك رصيداً يزكو باستمرار رغم أسباب كثيرة أسهمت في جعل أمل درجة ثانية في سُلُم الطائفة وقد جاءت مناسبة الامام الصدر الأخيرة ظاهرة اعتراض واضح على دور مأكول نسبياً لأمل واستفتاء على حضور فاعل ومؤثر لشخصية غبّ الطلب لجميع اللبنانيين وهذا سرّ قوّة نبيه بري على قيادة السيّد وعلى آخرين من زعماء الطبقة السياسية .

ان الرئيس بري صديق أخصامه وعدو أصدقائه وهو الدولة والمعارضة في آن واحد وهو حليف العرب بكل تناقضاتهم ومع ايران ضدّهم ومعهم ضدّ أيّ مشروع غير عربي وهو أميركي وأوروبي وضدّهم حتى الموت مع الفلسطيني ويعطي الروسي بالقدر الذي يحتاجه ليشعره بأنه قادر على العودة لشرق أوسطي كشريك ناقص للولايات المتحدة . من السيّد الى آخر قيادي في لبنان يؤمنون بحاجة البلد الدائمة للرئيس بري فلا أحد بقادر على الملء الفراغ الذي يحدثه غيابه في حين أن غياب آخرين يحلّ مشاكل كثيرة بينما غيابه يعقدّ الأمور ويجعلها مستعصية على الحلول .

هذا التفاضل بين رمزين شيعيين من وجهة نظر شيعية مستغرقة في الأنا والاستثناء تٌفرغ مساحة الاهتمام بمسؤولية أكبر من جدلية نمطية لشخصية تاريخية لا ينفع مدحها كما ذمُها طالما أنها سمت لأسباب متعددة وتُبقي الطائفة مشدودة لعصبية مُكرسة لسلبية مرضية نرى اعتلالها بوضوح في حالة الغضب والكره المنتشر في الجماعة الشيعية والتي تضخمت صورتها وبرزت في الخصومة مع المملكة العربية والمُضرة لا بالمملكة المستفيدة من الكفر الشيعي بإيمان سُني بها بل بالشيعيين أنفسهم اذ ان مصالحهم مرتبطة" بعقلنية" المملكة لا بجنونها لما لذلك من آثر سياسي واقتصادي مُدمر للاستقرار الذي يحتاجه بلد مهدد وآيل للسقوط . هنا وفي المشهد الشيعي – السعودي يُسهم دور الرئيس بري في اطفاء الحرائق وهو وحده من يملك الوسائل اللازمة لذلك في حين أن الآخرين لا يملكون الاّ مواد البنزين للزيادة في الاشتعال والاحتراق.