إذا الشعب يوما أراد المشاركة في الانتخابات والاستمرار في المسيرة السلمية للتحول نحو الديمقراطية فلن يمنعه المحافظون المحتمون إلى النظام ومن وراءهم من العسكر. إن أسلحة المواطنين الإيرانيين هي أوراق هويتهم التي سوف يشهرونها في الجمعة المقبلة عند صناديق الاقتراع.

أما المحافظون الذين يسيطرون على مجلس صيانة الدستور لم يجنوا ثمار جميع الأجراءات الخبيثة التي مارسوها من أجل تخييب آمال الشعب وتيئيسهم. منها رفض أهلية 99 في المائة من المرشحين الإصلاحيين وكثير من المستقلين أو قبول أهلية عدد من المرشحين، ثم رفض أهليتهم بذرائع واهية.

وكادت تلك الإجراءات يدفع الإصلاحيين إلى مقاطعة الانتخابات، إذ لم يترك مجلس صيانة الدستور - والذي هو المخالف الرئيسي للدستور والقوانين بين مؤسسات النظام- خيارات مناسبة للترشيح من قبل الاصلاحيين، على عكس ما فعل في الانتخابات الرئاسية الماضية، حيث اعترف بأهلية حسن روحاني بعد إبعاد هاشمي رفسنجاني، ليجد الإصلاحيون فيه خياراً حسناً ولو إنه لم يكن أحسن الخيارات عندهم.

أما الآن فالوضع مختلف وأراد مجلس صيانة الدستور أن ينتقم من الشعب الذي صفع صفعة قوية على وجه المحافظين في الانتخابات الرئاسية الماضية وفرض إرادته بالتصويت لحسن روحاني، الذي لم يكن يحلم بالانتصار لو لم يكن الاصلاحيون وراءه.

ولكن الشعب الإيراني الذي ينتمي غالبيته الساحقة إلى الاصلاحيين أصبح الآن أكثر نضجا مما كان عليه قبل عامين عشية الانتخابات الرئاسية وجنى ثمار نفسه الطويل ومثابرته في الانتخابات الرئاسية الماضية هو مصمم على المشاركة في المعركة الانتخابية المقبلة وهي خقيقة معركة كبرى يريد الشعب من خلال مشاركته إقصاء المحافظين المتشددين من الكراسي النيابية جزاء على إقصاءهم الإصلاحيين من الترشيح.

وأطلق الإصلاحيون حملة دعائية لإبعاد كل من آيات الله أحمد جنتي ومصباح يزدي ومحمد يزدي يختصر "جيم" الحرف الأول من أسمائهم من مجلس خبراء القيادة، وتناول الإعلام الغربي وخاصة بي بي سي هذا الموضوع، مما أثار حفيظة المحافظين المتشددين اعتبروا أن الإصلاحيين نسقوا مع الإعلام الأجنبي وأن مرشحيهم هم مرشحوا الانكليز، بينما المتبقون من المترشحين هم من وثق بهم مجلس صيانة الدستور وليس المخابرات البريطانية!

إن دوامة الإقصاء في إيران لن ترحم أحداً وتجري حتى لا يبق أحد داخل الدائرة. إن المحافظين المتشددين تلمسوا من الشارع بأنهم سيُهزمون ولا يمكن لهم أن يفعلوا شيئاً إلا أن يبرروا هزيمتهم المقبلة بأن هناك مؤامرة داخلية مع الإنكليز هي التي ستسبب هزيمتهم. وسوف يدرك المحافظون بانهم مضطرون الى الخضوع امام ارادة الشعب. ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله إن شاء الله.