تشكل الانتخابات النيابية التي ستجري في إيران في السادس والعشرين من شهر شباط الجاري حدثا مفصليا في المشهد السياسي الإيراني بالنظر إلى الصراعات القائمة بين تيار متشدد يحاول الحفاظ على موقعه في السلطة وآخر وهو التيار الإصلاحي الذي ينازعه هذا الموقع.  وهذا الحدث الإنتخابي سيشكل ساحة للصراعات بين التيار المتشدد المدعوم من الحرس الثوري الإيراني والمرشد الأعلى السيد علي الخامنئي من جهة والتيار الإصلاحي والتيار المعتدل من جهة أخرى.  ومن المرجح ان تزيد هذه الإنتخابات والنتائج التي ستسفر عنها من حدة الانقسامات. وقد تؤدي الى اندلاع احتجاجات شعبية في البلاد كما حدث في أعقاب الانتخابات الرئاسية عام 2009 عندما فاز الرئيس محمود أحمدي نجاد. وبالتالي فقد تشعل أزمة داخلية في إيران. سيما بعد الضربة الاستباقية التي وجهها مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المتشددين ضد الإصلاحيين والمعتدلين حين تم رفض أهلية 99 بالمائة من مرشحي التيار الإصلاحي.  وما يثير مخاوف المتشددين من هذه الانتخابات هو ان تكون مدخلا لزيادة نفوذ الإصلاحيين في وجه الولي الفقيه الذي يعتبر أعلى سلطة في إيران. ولهذا فهم ينظرون لهذه الإنتخابات على أنها مرحلة مصيرية بالنسبة لهم.  لذا فإن المطلوب عمل المستحيل لتفادي سقوطهم خصوصا وأن الإتفاق النووي الذي تم بين إيران والدول الغربية ألست وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية سيصب في مصلحة التيار الإصلاحي. وربما يمهد لتغيير النظام. لأن وصول المعتدلين إلى رئاسة مجلس خبراء القيادة سيعيد لهذا المجلس وظيفته الأساسية وهي الإشراف على عمل المرشد الأعلى و تعيينه وعزله بعدما تحولت مهمته إلى وظيفة شكلية تتولى فقط إضفاء الشرعية على الخامنئي وما يتخذه من قرارات.  وتفاديا لذلك بدأ الحرس الثوري بحملة مركزة تستهدف الإصلاحيين والمعتدلين حيث قام باعتقال 170 شخصا دفعة واحدة  ودون علم السلطات القضائية. إضافة إلى اعتقال خمسة صحافيين في طهران وغيرهم من الكتاب والشعراء لدرجة اعتبرت أكبر حملة اعتقالات بعد عام 2009 المشؤوم.  وكان المرشد السيد علي الخامنئي قد اعطى الضوء الأخضر للأجهزة الأمنية باعتقال كل معارض او شخص تحت ذريعة التخوف من اختراق العدو لإيران. وصرح بأن هدف هذا الاختراق الرئيسي هم النخب والمسؤولين بهدف تغيير أهدافهم ومعتقداتهم. وأن الولايات المتحدة الأميركية تستخدم الجنس والمال وأساليب الحياة الغربية لاختراق نخبة صانعي القرار في إيران. وهذا يعني ان كل مسؤول إيراني هو مرمي لسهام الاتهام بالخيانة ومساعدة العدو على اختراق إيران وضربها من الداخل.  وهذا الخلاف الداخلي في ايران والآخذ بالتصاعد مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وتوقيع الاتفاق النووي قائم على خلفية إيديولوجية ولكن تحت غطاء سياسي واقتصادي.  وتظهر المخاوف الحقيقية للتيار المتشدد في إيران من زيادة نفوذ رجال الأعمال الذين يقيمون علاقات قوية مع الغرب. والذين يصفهم الحرس الثوري الإيراني بقنوات نفوذ أجنبي في الداخل الإيراني. ولهذا قام بحملة اعتقالات واسعة وسطهم للحد من سيطرتهم من جهة ووضع يده الإقتصادية على الفراغ الذي سيتركه هؤلاء فور اعتقالهم من جهة أخرى.