إيران تصر على أنها لا يمكن أن تسحب قواتها العسكرية والميليشيات والتنظيمات المسلحة التابعة لها من سوريا
 

مع بزوغ فجر السبت الماضي ولساعات قليلة ولكنها كانت حبلى بالمفاجآت والتداعيات الخطيرة ، حبست المنطقة ومعها معظم دول العالم أنفاسها من تطور الأمور وتدحرجها نحو مواجهة عسكرية قد تؤدي إلى حرب كبيرة وواسعة ليست بالحسبان ، على خلفية قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بإسقاط طائرة استطلاع إيرانية انطلقت من الأراضي السورية وضرب الموقع الذي انطلقت منه في الجنوب السوري قرب دمشق. وردت وسائط الدفاعات الجوية السورية بإطلاق صاروخ صناعة روسية مستهدفا طائرة إسرائيلية طراز f16 أميركية الصنع وتمكن من إصابتها مباشرة فسقطت في الداخل الفلسطيني. مما إستدعى لجوء سلاح الجو الإسرائيلي للقيام بضرب 12 موقعا عسكريا وأمنيا وبطاريات صواريخ تابعة لإيران ولحزب الله منتشرة على الأراضي السورية حسب المصادر الإسرائيلية ،الأمر الذي وضع المنطقة على شفير الإنفجار.
ووصفت القيادة السياسية في إسرائيل المشهد الملتبس بأنه أكثر من مواجهة وأقل من حرب. 
وبغض النظر عمن أطلق الصاروخ الروسي الذي استهدف المقاتلة الإسرائيلية  سواء أكانت القوات السورية أم عناصر ايرانية فإن التطور الجديد يكمن في أن إيران قامت بإطلاق طائرة من دون طيار في مهمة استطلاعية فوق إسرائيل ، انطلاقا من وقائع فرضتها بعد انخراطها الواسع في الحرب السورية. ذلك أن إيران تخوض اليوم معركة وجودها العسكري في سوريا بعد أن تكبدت من أجل هذا الوجود عشرات المليارات من الدولارات باعتباره - وحسب الرؤية الإستراتيجية الإيرانية - ضروريا لدعم حزب الله والإمساك بالورقة اللبنانية. 

إقرا أيضا: العدو الداخلي أخطر من العدو الخارجي

وتعليقا على هذا الحدث أشارت مصادر عربية إلى أن إيران قد تكون مستعدة لخوض حرب برية ستكلف إسرائيل خسائر بشرية كبيرة من أجل حماية وجودها العسكري في سوريا وعلى الحدود بين لبنان وسوريا. وبالتالي فإن إيران تبحث عن حدث استفزازي لإسرائيل لقناعتها بأنها أي إسرائيل لا قدرة لها على شن حرب برية على الأراضي السورية. 
ولاحظت هذه المصادر أن إيران تصر على أنها لا يمكن أن تسحب قواتها العسكرية والميليشيات والتنظيمات المسلحة التابعة لها من سوريا. وقالت أن الوجود الإيراني في سوريا خصوصا في الجنوب السوري هو بمثابة مسألة حياة أو موت بالنسبة للنظام الإيراني باعتبار أن إنكفاء إيران عن سوريا هو تهديد بضرب العلاقة الإستراتيجية بين النظامين الإيراني والسوري. وستكون له انعكاسات مميتة وقاتلة على النظام القائم في طهران منذ ما يقارب الأربعة عقود. 
أما إسرائيل فقد أعلنت من جهتها عن سقوط إحدى مقاتلاتها أثر اعتراضها لطائرة من دون طيار في أجوائها وأكدت أنها إيرانية الصنع وانطلقت من سوريا. وتابعت أن طيرانها وبعيد ذلك استهدف مواقع إيرانية وسورية داخل الأراضي السورية. وهي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل بشكل صريح عن ضرب أهداف إيرانية في سوريا. 
وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي سوريا وإيران بالقول أنهما تلعبان بالنار مؤكدا على أن إسرائيل لا تسعى إلى التصعيد ولكنها جاهزة لمختلف السيناريوهات وجعلهم يدفعون ثمنا باهظا ردا على مثل هذه الأعمال العدوانية. 
على أن الجدير بالإشارة هو أن هذه التطورات الدراماتيكية التي شهدتها الأجواء في المنطقة الحدودية بين إسرائيل وسوريا تخفي خلفها رسالة صاروخية روسية باستهداف الطائرة الإسرائيلية الأميركية الصنع . وذلك كرد على سقوط طائرة روسية الأسبوع الماضي من نوع سوخوي 25 كانت تحلق في اجواء منطقة إدلب في مهمة عسكرية إثر إصابتها بصاروخ أميركي الصنع ويحمل على الكتف. 
ومن الواضح أن الرسالة مكتوبة بالحبر الروسي والإيراني مؤداها أن الأجواء السورية ليست دائما مستباحة للطيران الإسرائيلي. وتهدف في أحد سطورها إلى تغيير قواعد الاشتباك في المنطقة الحدودية بين إسرائيل وسوريا. 
والرسالة وإن تم تصنيعها بمواد ملتهبة، إلا أن الهدف هو الإضاءة على تفاصيل المصالح الإقليمية والدولية المتداخلة المتشابكة في سوريا وليس تفجيرها لأن في الحرب خسارة للجميع دون إستثناء بمن فيهم المنتصر .