لم يمض إلا ساعات قليلة على تنفيذ المخطط الشامل لرفع العقوبات عن إيران، حتى فاجأ مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون برفضه طلبات الترشيح للانتخابات البرلمانية المقبلة لـ 99 في المائة من الإصلاحيين الذين قدموا بطلبات ترشيحهم.  

ويقول حسين مرعشي عضو في المجلس الاستشاري للإصلاحيين إن 3000 آلافاً من الإصلاحيين قدموا بطلبات ترشيحهم ولكن مجلس صيانة الدستور رفض أهلية 2970 شخصاً منهم، مما يعني بأن 1 في المائة من الإصلاحيين قُبلت طلباتهم للترشيح.

  وخلال المؤتمر الإعلامي الذي أقامه الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد ساعات من الإعلان عن بدء تنفيذ المخطط الشامل والذي رفع العقوبات عن إيران، وجّهت إعلامية السؤال التالي للرئيس: إن مجلس صيانة الدستور لم يترك مجالاً للشعب لكي يفرح برفع العقوبات، إذ أعلن عن رفضه للأغلبية الساحقة من الإصلاحيين الذين قدموا بطلبات ترشيحهم مطالبة الرئيس بالردّ على مجلس صيانة الدستور.  

وردّ الرئيس روحاني عليها بالقول بأن استبعاد مجلس صيانة الدستور لهذا الكم الهائل من المترشحين، لم يُسعده ووعد روحاني باستخدام جميع صلاحياته للتدخل في الموضوع، إذ يرى بأن مهمة حراسة الدستور ملقاة على عاتق الرئيس كما مهمة صيانة الدستور يتولاه مجلس صيانة الدستور.  

ولكن مجلس صيانة الدستور لن يقبل بتدخل الرئيس، لأنه يرى بأن مسؤولية رئيس الجمهورية في حراسة الدستور تقتصر على الشؤون التنفيذية أو السلطة التنفيذية التي يتولاها، ولن تتعدى هذه المسؤولية إلى الشؤون التشريعية أو القضائية.

  وبناء على تفسير مجلس صيانة الدستور يبقى تصريح الدستور بمسؤولية الرئيس عن تطبيق الدستور، فارغاً من أي دلالة.  

وبالعودةً إلى موضوع استبعاد الإصلاحيين، فيبدو أن الرفض الواسع لطلبات ترشيح الإصلاحيين لا يتلاءم مع تطلعات المرشد الأعلى الإيراني الذي أعرب عن أمله بمشاركة شعبية واسعة في الانتخابات النيابية المقبلة، ولكن هناك جهات من صميم النظام الإيراني لا تؤمن بحق الشعب في تقرير مصيره ولا ترى ضرورة في الانتخابات وبطبيعة الحال لا تعنيها الأكثرية، فكم من آية تقول بأن أكثر الناس لا يعقلون!  

إن مجلس صيانة الدستور في إيران يتشكل من فقهاء تقليديين بعيدين كل البعد عن العصر الحديث وتعود عقليتهم إلى العالم القديم، وهم عاجزون عن فهم الديمقراطية والانتخابات والأغلبية وحتى مفهوم البرلمان، وتختلف رؤيتهم للدولة عن نظرية طوّرها الشيخ النائيني قبل أكثر من مائة عام شرعن فيها للدولة الحديثة وحق الشعب في الانتخاب واختيار نواب له لتمثيله في مجلس الشورى.  

أما الفقهاء الذين يتربعون على كراسي مجلس صيانة الدستور في إيران يرون من حقهم أن يختاروا نواب الشعب وممثليهم في البرلمان ولا يخفون هذه الحقيقة، إذ صرّح أحدهم - آية الله مؤمن- بالقول: إذا يريد الشعب أن يُصوّت لأشخاص سيئين، فلا عقل له، وإذا يريد أشخاصاً طيبين، فمجلس صيانة الدستور يحددهم ويعرضهم لتصويت الشعب!  

وفق كلام الشيخ مؤمن فإن تمييز الصالح للنيابة عن غير الصالح مهمة مجلس صيانة الدستور ولا مانع لدى مجلس صيانة الدستور لإلغاء أصوات الفائزين في الانتخابات بحجة عدم أهليتهم أو أحقيتهم في الترشيح.  

إن ما قام به مجلس صيانة الدستور برفض 60 في المائة من طلبات الترشيح و99 من الإصلاحيين الطالبين للترشيح عبارة عن مجزرة سياسية لم تعهدها أي انتخابات برلمانية في العالم، حتى الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر قبل سقوط حسني مبارك.