إن ما يجري الآن بين إيران والسعودية عبارة عن مواجهة شاملة تتخطى المنافسة في المصالح بكثير ويمكن التعبير عنه بسيادة العقلية السلبية لكل واحدة منهما تجاه الآخر.  

إيران تعتبر أن تصرفات المملكة تجاهها خلال العام 2015 تعزو إلى إزعاج إيران وجرح مشاعر الراي العام الإيراني، وهذه التصرفات بدأت من حادث اللاعتداء الجنسي على يافعين إيرانيين في مطار جدة والذي لم يبت القضاء السعودي في ملفهما لحد الآن، واستمرت تلك التصرفات المسيئة بعد كارثة تدافع منا الذي يرى الإيرانيون بأن ما أعقب الحادث كان مجرحاً جداً ومسيئاً إذ المملكة لم تقدم الاعتذار لعوائل الحجاج الذين ذهبت أرواحهم خلال التدافع.  

أما إعدام الشيخ نمر ألقى الزيت على النار واعتبره الايرانيون اعتداء رمزيا على كيان الشيعة الذي تمثله إيران.

  أما المملكة السعودية تعمل لتوسيع نطاق المواجهة مع إيران وفتحت جميع الأبواب لضرب المصالح الإيرانية وذلك بعد خيبتها من جميع المعارك بالوكالة في العراق و سوريا ويأسها من الحصول على مقاصدها في اليمن بعد تسعة أشهر من القصف والتدمير.

  ووصلت المواجهة بين السعودية وإيران إلى ميادين كرة القدم إذ أعلن رئيس اللجنة الاعلامية لمجلس إدارة اتحاد العربي السعودي لكرة القدم بأن المجلس المذكور رفض لعب ممثلي الاتحاد من الاندية المشاركة في مسابقة دوري أبطال آسيا في نسحتها المقبلة أمام الفرق الإيرانية في ملاعب إيران.

  وهكذا تستغل السعودية الهجوم على مبنى سفارتها في طهران، من قبل الشبيحة، لتدلل على إيران عاجزة عن توفير الأمن للاعبين السعوديين.  

هذا وأجمع الإيرانيون من الإصلاحيين والمحافظين على أن تخوين الشبيحة التي قامت بحرق قسم من مبنى السفارة السعودية وأعلنت قائد الشرطة الإيرانية عن اعتقال 38 من المتورطين في اقتحام السفارة السعودية.   كما تم إقالة صفر علي براتلو نائب محافظ طهران بسبب عجزه في أداء وظيفته لمنع الهجوم إلى السفارة السعودية.

  وفي نفس الوقت الذي تقطع السعودية علاقاتها مع إيران وتلمح بالامتناع عن إرسال لاعبيها إلى إيران وتُظهر وكأن الملاعب الرياضية في طهران هي كالمعارك في تعز، تتسابق البعثات الأوربية في الذهاب إلى طهران بغية التفاوض الاقتصادي والتجاري مع إيران استعدداً لمرحلة ما بعد رفع العقوبات الذي بات قاب قوسين أو أدنى.  

إن الطرف الخاسر من قطع العلاقات التجارية بين إيران والسعودية هي الأخيرة إذ أن حجم صادراتها إلى إيران تفوق حجم وارداتها من إيران بثمانية أضعاف.

  إن إيران لن تخسر شيئاً من قطع العلاقات التجارية مع السعودية لأن البدائل متوفرة بعد رفع العقوبات النووية عن إيران، إلا أن الحج والعمرة لا بديل عنهما وهناك رغبة إيرانية لمقاطعة الحج والعمرة وأبدى كبار علماء الشيعة رغبتهم في تحريمهما لأن الإيرانيين لا يشعرون بالأمن في مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث ليس هناك إشراف ورقابة دولية على عكس الملاعب الرياضية التي لا تجري فيها أية مباراة إلا أمام عيون مراقبين دوليين يقررون أي مخالفة حتى من قبل المتفرجين تًرتّب على تقاريرهم عقوبات.

  فهل هناك مراقبة على الإساءات التي يتعوّد عليها الحجاج الإيرانيون في المدينتين السعوديتين لا يشعر كثير من الحجاج الإيرانيين فيهما بالأمن والارتياح.