شهدت العاصمة البحرينية المنامة خلال الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي مؤتمر حوار المنامة السنوي الذي يعقده المنظمة الدولية للدراسات الاستراتيجية وبدعم مالي من النظام البحريني تمحور في الهجوم على إيران وروسيا.

 

شارك في المؤتمر عشرات من المسؤولين الرسميين ورجال الأعمال والشخصيات الدولية والاقتصاديين والسياسيين والمفكرين الاستراتيجيين من آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأوروبا   في المنامة عاصمة مملكة البحرين لتبادل وجهات النظر إزاء التحديات الأمنية.

 

ولكن ما كان يجمعهم هو التهجم على إيران وروسيا بسبب دفاعهما عن نظام بشار الأسد.

 

وما كان غائباً عن هذا المؤتمر الطازج، هو الحوار الحقيقي بين أطراف الصراع في المنطقة، فإن السلطات البحرينية رفضت إعطاء تأشيرة للدبلوماسي الإيراني السابق حسين موسويان الذي دعي من قبل المنظمين إلى المؤتمر.

 

والسبب في رفض إعطاء التأشيرة لموسويان يكمن في أنه تمكن خلال المؤتمر الماضي (2014) من تبيين موقف بلاده فيما يتعلق بالملفات الإقليمية والملف النووي. أما في المؤتمر الأخير شاءت السلطات البحرينية إلغاء أي صبغة تعددية وحوارية للمؤتمر حتى يتحول مؤتمر حوار المنامة إلى حديث العرب ومتحالفوهم مع الذات. إذ من المفترض أن يكون الحوار مع الآخر وليس مع الذات. وإذا تمكن إيران والغرب من الحوار في أهم الملفات الدولية، فلما ذا لا يمكن الحوار بينها وجيرانها في الملفات الاقليمية.

 

فضلاً عن أن اختيار البحرين كمكان لعقد هذا المؤتمر بحد ذاته مستفز، حيث إنها تريد الديمقراطية للشعب السوري بينما تحرمها لشعبه وتقمع الحريات وترفض الحوار مع الأحزاب السلمية التي ترفض اللجوء إلى السلاح.

 

هذا ويرى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأن البحرين هي المكان المناسب للغاية لانعقاد هذا المؤتمر، وقد دأبت مملكة البحرين دائما على اقامة أهم المؤتمرات التي تستقطب اهتمام وأنظار العالم الذي ينتظر ايجاد حلول للقضايا الشائكة التي تعاني منها البشرية"، وأضاف وما حضورنا هنا في المنامة إلا دعم لتوجهات مملكة البحرين في هذا الاتجاه.

 

خلافا لما يراه عمرو موسى يبدو أن المشاكل التي تعاني منها البشرية أكبر حجماً وتعقيداً من أن تتمكن مملكة البحرين بإيجاد حلول لها عبر مؤتمرات لا مجال فيها للصوت الآخر والمختلف، بل إن عليها أن تبدأ من الذات بإطلاق الحوار مع المعارضة السلمية. وإذا ليست مستعدة للدخول في الحوار المعارضة السلمية، فكيف تتوقع من سوريا ونظام الأسد التخلي لصالح المعارضة العسكرية!

 

بطبيعة الحال لا نريد تبرير الممارسات العنيفة التي ارتكبها النظام في سوريا بحق المواطنين بداية انطلاق الثورية، ولكن هل هناك من تبرير لنفس الممارسات التي ترتكبه النظام البحريني؟

 

فللطرف الغائب عن حوار المنامة، أي إيران وروسيا أن يقولا بأن ما يقومان به في سوريا هو دفاع عن رئيس شرعي - وليس ملكاً ولا أميراً- في وجه معارضة عسكرية من أمثال داعش وجبهة النصرة وليس معارضة سلمية على غرار جبهة الوفاق البحريني.

 

معظم سكان البحرين يطالبون بالديمقراطية ولكن ليس عبر الدبابات والقذائف والصواريخ ومقاتلين وحوش وقاطعي الرؤوس! بل عبر صناديق الاقتراع. إن الاحتكام إلى صناديق الاقتراع حق للشعب البحريني والشعب السوري على حد سواء. فهل من الممكن الاعتراف به في حق شعب دون شعب آخر؟

 

وقال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، في افتتاح «مؤتمر حوار المنامة الأمني الإقليمي»، إن «الدعم الإيراني للتخريب في الدول العربية يمثل تهديداً كبيراً للمنطقة مثله مثل تنظيم داعش»، متهماً إيران بتهريب أسلحة إلى البحرين. وأضاف أن الحوثيين في اليمن يمكن أن يكون لهم مستقبل في البلاد إذا ألقوا السلاح وشاركوا في حل سياسي.

 

هذا وإن مرشد الجمهورية الإسلامية طمأن المملكة بأن إيران لم تتدخل في البحرين، إذ لو كانت تتدخل لمم يكن الوضع البحريني كما هو الآن.

 

ولكن دعوة الشيخ خالد للحوثيين بترك السلاح تثير السؤال التالي: هل استفاد المعارضة البحرينية بالتزامها النهج السلمي وعدم الانجرار إلى السلاح شيئا في البحرين؟ حتى تتشجع الحوثيون بترك السلاح؟

 

فضلاً عن أنه كان من المتوقع توجيه نفس الدعوة إلى المعارضة العسكرية في سوريا و تشجيعهم بترك السلاح وخوض المعركة البرلمانية وتوزيع السلطة.

 

ولكن يبدو أن الذين أغدقوا المعارضة العسكرية في سوريا بالمال والسلاح يتوقعون أن يحصدوا ثماره كما كانوا يتوقعون خلال السنوات الخمسة الماضية، والآن يريدون أن يقطفوا تلك الثمار عبر مفاوضات فيينا، وهم عجزوا عن قطافه