من بلاد الموت هربوا وهم يحملون في مخيلاتهم أحلاما لغد قد يكون أفضل بكثير لكنهم لم يعلموا أن لبنان الذي إتخذوه ملاذا لهم هو الموت بحد ذاته لهم ولطفولتهم.

فإلى جانب مسجد الفضيلة في طرابلس ينام الطفل أسعد في محل البقالة الذي يعمل به أيام العطل المدرسية، يجلس على قفص الخضار متكئا برأسه على القفص الآخر عله يستيقظ من حلم الحياة المبكي.

لكن أسعد الذي لم يبلغ الحلم يعلم أنه إن نام واستيقظ ثم نام واستيقظ لن يتغير شيء في حياته، إنما الواقع المؤلم سيلاحقه حتى الكبر وكيف لا يلاحقه هذا الواقع وهو المعيل الوحيد لعائلته بعد ان توفي والده بضربة سيارة منذ سنة في لبنان.

والمؤكد أن أسعد ليس الطفل الوحيد اليتيم إنما أطفال سوريا في لبنان جميعهم يتامى حيث أنهم يحملون ذنب حرب لا علاقة لهم بها ويعانون من صعوبة التهجير والعمل.

ولعل شوارع لبنان المكتظة بأطفال من كل أنحاء سوريا وهم يبيعون الماء وأكياس المحارم وسمات البراءة ترتسم على وجوهمم لو قدّر لها أن تنطق لصرخت آهات على هؤلاء اليتامى.

وتعليقا على هذا الموضوع كان لنا حديثا مع أحد الناشطين في جمعية دعم المرأة والطفل الذي أكد ان أسوء وضع للأطفال السوريين هو في لبنان لأن المنظمات لا تستطيع ان تكون على راحتها نظرا للتضييق" ولفت إلى أن "المعيشة غالية في لبنان والامم المتحدة غير قادرة وحدها على القيام بكل المهمات" وأشار الناشط أن "المنظمات اللبنانية القديمة غير قادرة على اللحاق بالجديدة نظرا لصعوبة الحصول التراخيص وعدم وجود تغطية قانونية" لكن الشيء المؤكد الوحيد أن الفرق التطوعية والمجتمع لم يتركا أي طفل سوري يتم عرض مشكلته وبالأخص الطفل أسعد فهناك أشخاص لا زالوا يملكون تلك الغيرة والطيبة لذلك هبّوا إلى متابعة حالته.

وانطلاقا من هنا، لا يسعنا إلا الإشادة بهؤلاء الذين يطبقون قول الإمام علي (ع) "الله، الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت حبيبي رسول الله يقول مَنْ عال يتيماً حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة"، علّ هؤلاء يكونوا مثالا يحتذى به لأشخاص يستغلون طفولة بريئة ومظلومة.