حظي الإتفاق الأمريكي – الإيراني بإهتمام عربي لإعتبار أنّ ايران بعد الإتفاق هي غير إيران ما قبل الإتفاق أيّ أنّ سلوكاً سياسياً ايرانياً جديداً سيطال المنطقة وخاصة تلك التي تشهد حروباً طاحنة تسهم فيها ايران اسهاماً كبيراً باعتبارها أحد ضلوع الدولة الإيرانية من العراق إلى سوريا فاليمن .

من هنا ثمّة سباق سريع بين دوائر الرأي في العالم لتسهيل اتفاق ايران والدول ال5+1 على أرض الواقع بطرح مبادرات لتسويات سياسية في البلدان التي يتصارع عليها وفيها دول عربية وإقليمية ، إضافة إلى وجود حركة ملاحة دبلوماسية أمريكية وفرنسية وروسية للإستفادة من طاقة الاتفاق مع إيران وصولاً لحلول باتت ممكنة مع إمضاء ايران على تعاون غير عادي مع الولايات المتحدة الأمريكية .

في لبنان نشطت الدبلوماسية الفرنسية لقطف أولى ثمار الإتفاق النووي من خلال التوصل إلى انتخاب رئيس لقصر بعبدا الاّ أن فابيوس وزير خارجية فرنسا فشل في الحصول على موافقة إيران في موضوع الرئاسة اللبنانية .

لذا راح من يحاول الإيحاء بأنّ مبادرة إيران الجديدة ذات المضمون المناور في المسألة السورية هي أولى التسهيلات الإيرانية للخروج من الحرب والبحث في المستقبل السياسي السوري،  رغم أنّ معارك الزبداني على أشُدها للانتفاع من موقع استراتيجي لا حول ولا قوّة  له في سياق الصراع الطويل في سوريا .

هناك من أطلق رصاصة فارغة على العلاقات السعودية – السورية من خلال زيارة سرية قام بها المملوك السوري إلى المملكة لإيجاد تسوية فاشلة لأنّ المملكة العربية السعودية  تعلم تمام العلم بأنّ الرئيس الأسد مجرد موظف بلا راتب في المصالح الإيرانية وبأنّه لا يستطيع تقديم حلّ أو تسوية لأنه لم يعد مرجعية سورية إذ أنه فقدها عندما تحول إلى لعبة بيد الايرانيين نتيجة لأسباب متعددة .

اذاً ثمّة محاولات واهمة لجعل الإتفاق يسري سريعاً في نار الحروب المشتعلة لإطفائها من اجتماع دول معنية في الأزمة السورية بدعوة من مشيخة عُمان ، إلى زيارة المملوك للمملكة ، إلى دور فرنسي في لبنان لحق تجاوب ايران مع الرؤية الغربية ، إلى الحديث عن دور حزب الله ما بعد الإتفاق وضرورة خروجه من ثكنته الأمنية والعسكرية لصالح العمل السياسي المباشر وخلعه لبذلة القتال لصالح المصالح الإيرانية والتماهي و"التماشي "مع عقلية إيران في ممالأة السياسية الأمريكية والإنتظام داخل ساحة مصالحها والتخلي عن خطابات لم يعد يوجد ما يُبررها سواء كانت معنية بفلسطين أو بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية وبمشروع ما يُسمى بالممانعة أو المقاومة ، طالما أنّ ايران قررت التعاون مع الشيطان الأمريكي .

أي أنّ مرحلة أزمة إيران مع الغرب قد انتهت وأنّ هناك تدشين لمرحلة سياسية جديدة توافقية بالكامل مع أميركا تحديداً وبذلك سيغيّر حزب الله من كامل دوره وحضوره بمعنى أنّ حزب الله  كما هو الآن لم يعد مُبرراً له ، وستتوقف عدائيته المطلقة للشياطين والأبالسة وبالتالي سيكون هناك حزباً جديداً متماهياً مع سياسات الشيطان ، وبدأت أولى إرهاصات ذلك من خلال إعلان حزب الله حربه المكلفة مع الإرهاب إرضاءً لعدوة الإرهاب في العالم .

من هنا ثمّة من يرى أنّ حزب الله وبكل "محمولاته " و"أدبياته "الثورية  هو قيد التصفية لصالح حزب الله جديد ، بحمولات سياسية أمريكية شيطانية لأنه حزب يفهم تماماً وبدقة متناهية مصالح إيران في الإتفاق مع أميركا .

بتقديري أنّ حزب الله أمام مرحلة تاريخية بالنسبة له إذ أنّه أمام خيار توديع ما اعتاد عليه من عمل فعلي وقولي منذ بدايات تأسيسه لأنّه لا يستطيع إلاّ أن يكون أمام ايران في حاجتها الملحة للعلاقة القوية مع الولايات المتحدة ولكن هذا لا يعني بأنّ مرحلة التغيير قد بدأت لأن ثمّة حروب دائرة في المنطقة ولم تصل بعد العلاقات الإيرانية – السعودية إلى المستوى المقبول كي يضع الجميع أدوات الحرب جانباً ويتم التزيّن بزينة السلام القادم .

وفي اللحظة التي تنضج فيها العلاقات الإيرانية – السعودية سيكون حزب الله وجهاً لوجه أمام مشروع تغيير وجهة دوره في لبنان والمنطقة .