بلغ تضرر ميشال عون من حوار حزب الله – المستقبل ذروته لأنّه قيّد مجيء رئيس لقصر بعبدا بتفاهم مسبق بين التيّارين ومنع من إمكانية تعيين رئيساً بالقوّة . وكان قد سبق الحوار قيام حكومة تمّ محاصصتها من قبل المتحاورين ومنحت التيّار العوني حصّة حكومية كانت مُجحفة بالنسبة له .

إنّ حوار الضرورة بين حزب الله والمستقبل قد فرمل من إندفاعات عون وحرمه من حصّة مسيحيّة كاملة وأفقده الأمل بالوصول الى قصر الرئاسة ، رغم أنه قد بلغ من العمر عتيّاًً ولم يعد يملك الحيوية التي تحتاجها الرئاسة للمساهمة في إدارة البلاد .

لذا قام الرئيس ميشال عون بوضع العصي أمام الحكومة وأمام الحوار بدفع الأمن في لبنان الى الهاوية عبر التشجيع على دخول عرسال عنوة وبقوّة السلاح ، ليأخذ الوضع المذهبي والطائفي في لبنان بين الشيعة والسُنة مداه المجنون ، ليعصف بالحدّ الأدنى من الإستقرار الداخلي وليلبي طموحات عون التي تنتعش على نار حرب الطائفتين .

لم يكن ربط عون وجوده في الحكومة من خلال دخول عرسال وإقرار التعيينات في المراكز الشاغرة تبعاً لسلة أسمائه المختصرة كالعادة عليه وعلى أصهرته ، إلاّ إبتزازاً لمرحلة دقيقة جداً تلعب فيها الحكومة وإن كانت مهمشة ومهشمة دوراً تخفيفياً للمناخ الطائفي المحتدم ، وتعطي الإستقرار الداخلي فرصة الإستمرار  كيّ لا ينجرّ لبنان إلى كوابيس الحرب السورية .

إنّ حزب الله المحاصر في أكثر من إتجاه لا يستطيع التنكر لمحاولات عون السلبية لأنه بيضة مسيحية "بصفارين "بالنسبة لحزب هناك من يُشكك دائماً بلبنانيته . ولهذا نراه يتناغم معه في مواقفه الخارجة عن الحدّ الأدنى من اللياقة الوطنية ، فهو يقول وبالفم الملآن إمّا ميشال عون وأصهرته وإمّا الطوفان .

وحده الرئيس بري يقف موقف رجل الدولة ضدّ محاولات عون لاسقاط الحوار والحكومة والتسريع بحرب السُنة والشيعة من بوابات الإرهاب التي يفتحها التيّار بوجه ما يعيق وصوله إلى الرئاسة .

لقد قالها الرئيس نبيه بري وبشكل واضح في وجه عون وآخرين مصطادين في المياه الطائفية الآسنة ، بأنّه لن يسمح لا بإسقاط الحكومة ولا بإسقاط بلدة عرسال ، وهو بذلك يُسكر أبواب الشرّ والنار التي يؤججها الحالمون بمواقع رئاسية لا يستطيعون الوصول إليها إلا من خلال خراب لبنان وتدمير ما تبقى منه .