بعد عشر سنوات على ولادة ثورة الأرز أو ثورة الاستقلال أو ثورة الحرية أو ما أردت تسميتها، لا تزال هذه الحركة تعاني من نفس المرض العضال الذي كان ولا زال السبب الرئيسي وراء كل الإخفاقات والتراجعات بسياقاتها الرئيسية للعبور نحو الدولة كما كان متوقع منها، غياب أو تغييب (لا أدري) مكون شيعي أساسي وفاعل ومؤثر يكمل الصورة الوطنية لمشهد هذه الحركة والتي لن تقوم لها قائمة من دونه.

صحيح اننا سمعنا ونسمع كل يوم وعلى مدى السنوات الماضية  من القيمين ومن قادة 14 آذار عن ادراكهم ووعيهم  لهذه الحقيقة حتى وصل الامر ببعضهم للتعبير عما يشبه  الاعتراف والندامة على ما اجترحت أيديهم من خطيئة بحق شخصيات وفاعليات شيعية كان لها الدور الطليعي في بلورة انطلاقة هذه الحركة منذ ايامها الأولى ( لقاء البريستول)،  ومن ثم ابعادهم واقصائهم عن سابق تصور وتصميم من اجل مآرب آنية صغيرة.

لكن هذا التباكي على معصية وذنب بهذا الحجم، لم يصطحب بافعال صالحة يُرتق بها ما أصاب عباءة “الثورة ” من تمزق لا يزال قائما الى اللحظة، مما خلق حالة من عدم الثقة والتشكيك بين كثيرين من ابناء الطائفة الشيعية من جهة وبين 14 آذار من جهة اخرى، بالرغم انهم يحملون نفس الشعارات والاهداف والغايات وحتى الخطاب السياسي عينه.

هذا التشكيك مبني على قاعدة (ما متت بس ما شفت مين مات؟)، وابشع ما في الموضوع ان هؤلاء الشيعة “الاربعتشيو” القناعات  والمستقلو الانتماء وهم بالمئات بل بالالاف داخل الطائفة وهم الشريحة الأكثر معاناة والأكثر تضحية. ففي بيئتهم الشيعية يعاملون على انهم من جماعة 14 آذار ومن الاخرين يُنظر لهم بوصفهم شيعة، وبالتالي لا حظوة لهم ويسهل بذلك على الاخرين مهمة تعطيل ادوارهم، لانهم  معلّقون في جو من الفراغ السياسي، يدفعون وحدهم ثمن ما يحملون من قناعات. فهم يختلفون عن محيطهم مبدئيا وهم لا يرغبون بالتقدم نحو 14 آذار على شاكلة “سرايا ” أو للزينة في المناسبات؟

وفي هذا السياق لا بد من تحميل  المسؤولية عن هذا الخلل القائم وما اصاب هذه الشريحة الواسعة (وكاتب هذه الاسطر منها) لقيادات 14 آذار بشكل كبير، دون ان نغفل ان جزءا من المسؤولية أيضا تقع على عاتق هؤلاء الشيعة بسبب عدم قدرتهم على بلورة مشروع مستقل يشكل لهم مظلة جمعية يفرض حضورهم على الساحة.

هكذا، لا تزال 14 آذار حتى اللحظة تقارب الموضوع الشيعي بشكل اقرب ما يكون الى الولدنة السياسية، فتعمل على تعبئة هذه الفجوة الخطيرة بجسدها عبر تقريب شخصيات وافراد شيعة التحقو بها من خارج الطائفة أو فلنقل من خارج البيئة الجماهيرية الشيعية. ولم يدركوا بعد رغم كل هذه السنين الفرق الكبير بين دخول اشخاص شيعة في 14 آذار وبين دخول 14 آذار الى الطائفة الشيعية وهذا هو المطلوب، وهنا مكمن الفشل.

وهنا اسمح لنفسي ان اخاطب 14 آذار باسمي وباسم هذه الشريحة الواسعة من المستقلين داخل الطائفة الشيعية بانه ومن خلال ما شاهدناه عبر السنوات العشر العجاف من أدائكم السياسي غير المقنع، وغير المجدي، والذي يحتاج الى الكثير من النقاش فاننا على قناعة تامة بان الالتحاق بكم وانتم على ما انتم عليه هو بمثابة الخيانة لقناعاتنا، ولما نحمل من استقلالية، ومن طموح في بناء دولة القانون والمؤسسات التي لم ترعوا لها حرمة ولم تتقدموا نحوها الا من خلال ما يحقق مصالحكم. فإننا بذلك لا نجد انكم تختلفون عن الفريق الاخر. كما انكم في اللحظة التي تقررون فيها الدخول الى الطائفة ما يحمل هذا من تحول أو تطور في السلوك،  فاننا على كامل الاستعداد بان نكون نحن هذا الجسر.

في الختام انتم تعرفون ونحن نعرف بانه لا يمكن العبور الصادق نحو الدولة الى من خلال العبور نحو الطائفة الشيعية أولا،  وهذا لن يكون الا من خلال جسور حقيقية متواجدة في القرى والبلدات والمناطق وبين الناس عليكم انتم الالتحاق بهم والبحث عنهم والهرولة اليهم، لا من خلال اشخاص وافراد  (مع كامل الاحترام ) لا تعرف قراها ولا علاقة لها بمحيطها وتعيش في أجواء بعيدة  أو حتى خارج الوطن. كما لن تنفعكم لا الحوارات ولا التسويات والاتفاقات الرباعية منها وغير الرباعية، وسنبقى نقول لكم وللاخرين اذا قررتم بالدخول في هكذا تسويات اذهبوا انتم واياهم وتحأوروا إنا من موقعنا لمناضلون.