بعد زيارة الرئيس السيسي للمملكة العربية جاء ردّ تنظيم الدولة أو آخرين ملتحين لصالح جهات قد تكون داخلية أو انها تعمل لصالح جهات خارجية سريعاً جدّاً بحيث أن العبوة الموضوعة قرب دار مجلس القضاء المصري قدّ هزّت سرير السيسي وأوقعته أرضاً لأنها استهدفت أهم مؤسسة مصرية وطالت أمن القضاء المصري الممسك بملفات الاخوان وحلفائهم من أهل الاسلام الجهادي .

لقد أكدّ المنفذون وسواء كانوا من خلايا الجماعة الصاحية أو من خلايا جماعة أخرى نائمة بأن الأمن المصري هشاً لدرجة كبيرة يستباح من خلاله دم المصريين ويُضرب استقرار الدولة التي فشل العسكريّون في حمايتها رغم يدهم وباعهم الطويل في أمن خبروه وعركوه منذ استلامهم للحكم في مصر .

لا تتوقف رسالة التفجير الأخير عند حدود الأمن بل يتعدى ذلك الى مساحة سياسية متصلة بالتحالفات القائمة ما بين مصر والمملكة العربية ومؤدى ذلك الى حسابات سياسية وأمنية تجعل من أعداء المملكة أعداءً لمصر وهم كثيرون جداً وبالأخص خصومات التيّارات الجهادية المتعددة الأسماء والتي تمثل جماعة الاخوان أكبر فصائلها اضافة الى تنظيم الدولة الذي يشكل الرافعة الأساسيّة لأحزاب عدوة للمملكة التي توالي شياطين الانس من غربيين وأمريكيين بحسب وجهة نظر الخليفة أو المرشد وولاة أمصارهم .

لقد فتح الرئيس المصري باب جهنم عليه عندما عاد الاسلاميين وتعامل معهم كجهة واحدة موضوعة في سلّة الاخوان ولم يستفد من تجربة السادات معهم فهو لم يفرق بين حماس كحركة مقاومة وكجزء من تيّار الاخوان ولم يحايد اسلاميين جهاديين يحتاجون الى أرض يجاهدون عليها فيدفعهم الى ساحات غير مصرية من خلال توفير تسهيلات " ساداتية " توظفهم بحسب الحاجة المصرية بعيداً عن فضاء السلطة في مصر بل تعامل مع الجميع وعلى اختلاف تسمياتهم وأهدافهم كفريق واحد يجب مقاتلتهم لتحصيل اعتراف أمريكي فعلي بشرعية " الانقلاب" ولايصال علاقة واشنطن بجماعة الاخوان الى عداوة مرّة بعد صداقة حلوة كان يأمل كل منهما أن تزداد حلاوة من خلال اطالة عمر الاخوان في تزوق حلاوة السلطة .

كما أن طبيعة العلاقة القائمة ما بين المملكة العربية والدولة المصرية على خلفية العداء للاخوان ومحاربتهم تتطلب دفع فواتير غالية في الأمن والسياسة كما أن انسحاب هذه العلاقة الى ما يشبه الحلف يضع مصر في خندق المملكة وخاصة في مواجهتها المفتوحة مع الارهاب السُني من جهة والمتمثل بتنظيم الدولة وجماعة الاخوان ومع الجمهورية الاسلامية الايرانية من جهة ثانية ومن خلال أمكنة تصارعهم من اليمن فالعراق وسورية الى لبنان اضافة الى مناطق لم تصل السخونة فيها بعد الى ما هو عليه الحال في هذه الدول المذكورة .

لا تستطيع مصر أن تكون خارج الحسابات السياسية والأمنية السعودية لاعتبارات عديدة وهذا ما أضاف الى مشكلات مصر التقليدية مشكلات أخرى من شأنها أن تضع مصر في خبر المملكة في تحدياتها مع أعداء يتقاسمون ضربها من الداخل والخارج .