بعد أن استقال تحت وطأة المؤامرة التي جمعت ما بين علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي عاد الرئيس المستقيل هادي عن استقالته من بوابة عدن التي بُح صوتها وهي تصرخ ضدّ الوحدة التي سلبتها كل حقوقها ولم توفرّ لها شيئًا يذكر من ضرورات الوحدة وكان حراكها اثناء الربيع العربي مبنيّاً على جهدها المبذول من أجل الانفصال عن الشمال والعودة الى دولتها المستقلة .

الجدير ذكره أن ايران وقفت الى جانب عدن في دعوتها للانفصال ودعمت تيّارات الانفصال وخاصة رئيس اليمن الجنوبي علي سالم البيض ووفرّت له وسائل الدعم المباشر وراء قضية وطنية يحتشد خلفها العدنيّون المؤمنون بدولة مستقلة عن الشمال الذي آكل ثروات عدن ومنع الجنوبيين حتى من المشاركة في السلطة مخالفاً في ذلك وثيقة الوحدة اليمنية التي أمضاها كل من الرئيسيين علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض .

لذا كان من المُقرر أن تكون عدن مكمّلة للحركة الحوثية في خطوة السيطرة على الدولة أيّ أن تتماهى مع نتائج الانقلاب الحوثي كما يسميه اليمنيّون غير الحوثيين فكانت المفاجأة أن الجنوبيين قد اصطفوا خلف الرئيس ومنحوه شرعيته الداحضة لشرعية الحوثيين وهذا بحدّ ذاته تنصل من التفاهمات المسبقة مع ايران التي رعت الحراك الشعبي اليمني بما يصبّ في خدمة المشروع الحوثي المستفيد الأوّل والأخير من ربيع يمني يتيح لعبد الملك الحلول مكان علي عبد الله صالح.

هكذا تنظر دول الخليج الى نتائج الأحداث في اليمن وهكذا يتراءى لها المشهد اليمني كتمثيلية ايرانية مهمتها وضع عروض متعددة من شأنها التضييق على دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية المعنية الأولى بما يجري في اليمن لأنها تشترك معه في السلم وفي الحرب نتيجة للحدود المشتركة وتلك المتنازع عليها وخاصة جيزان وعسير منطقتا النفط الخام اضافة الى وظيفة اليمن كحارس أمني للأمن السعودي ولباب المندب الذي يتسع للتجارة العالمية باعتباره ممراً اجباريّا لاقتصاديّات الدول .

لقد باشر الرئيس العائد الى سلطة غير موجودة ولم يبقى منها الا شرعيته التي منحه اياها الأمريكيون والاوروبيّون اضافة الى دول مجلس التعاون الخليجي الذين تنادوا على الفور ونددوا بالانقلاب ورفضوا أصحابه ووقفوا الى جانب عبد ربه وأوفدوا اليه من يشحذ قوته ويمنحه الجرعة الزائدة من معنوية مطلوبة لمواجهة قوّة عسكرية حوثية هادرة في ظل فقدان توازن القوى بينها وبين الآخرين .

ماذا يستطيع أن يفعل الرئيس هادي أمام جحافل الحوثي ؟

وماذا ستقدم دول مجلس التعاون للرئيس في مواجهته المعدومة مع الحوثيين ؟

طبعاً لا نستطيع وضع اجابات مباشرة لموضوع يحتاج الى الانتظار الساخن على شفير الحرب القائمة في المنطقة بين المملكة والجمهورية لنرى هل ستواجه الأولى الثانية في اليمن كما هو حال الدول التي يتنازعون عليها أم أنها ستترك الأمور لصالح البديل الطبيعي للحوثي أيّ باندفاع اليمنيين نحو القاعدة أو تنظيم الدولة للخلاص من الاحتلال الحوثي ؟