قرر عماد مغنية أن يكون شهيدا منذ بداية نشأته فاختار القضية الفلسطينية بداية لمسيرته الجهادية الطويلة وكان من المجاهدين الذين رافقوا الراحل ياسر عرفات وكان من حراسه الشخصيين مع بداية الثورة الفلسطينية ونشاطها في لبنان. واستطاع مغنية أن يغذي نفسه بالتعاليم والمفاهيم الثورية وقامت مسيرة حياته بمجمل أنشطتها وتنوعها على مبدأ الثورة والعمل الجهادي سيما مواجهة العدو الاسرائيلي فاتخذ لنفسه منحى خاصا سبق فيه حزبه ( حزب الله ) وتجاوز فيه المكان والزمان وجاء ذلك بعد انتصار الثورة الايرانية في إيران بقيادة الإمام الخميني رضوان الله عليه وكانت هذه الثورة حافزا لانطلاقة جديدة لعماد مغنية فتلقف تعاليم الامام الخميني والثورة وتابع بإصرار كبير شغفه بالعمل الثوري والجهادي وانطلق في أكثر من ساحة ومكان ليكرس مبدأ الجهاد والمقاومة كعنوان وحيد لمواجهة الغطرسة الاسرائيلية التي كانت تعصف في المجتمع العربي في تلك الحقبة وخصوصا مع بداية الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 .
كان عماد مغنية مع الأوائل والقلائل الذين تصدوا للإجتياح الاسرائيلي عام 82 واستطاع فيما بعد أن يكرس مبدأ مواجهة العدو الاسرائيلي خيارا ومنهاجا خصوصا مع بداية الاحتلال الاسرائيلي للبنان وكان له الدور الكبير في تشكيل الخلايا الأولية للمقاومة الاسلامية في لبنان .
في ذكرى عماد مغنية لا بد لنا إلا أن نتذكر هذه القامة الشامخة بالعطاء والتضحيات ولا بد لنا إلا أن نتوقف عند الإنجازات الكبيرة التي حققها الشهيد والتي كانت بلا شك على مستوى آمال وتطعليات الامة .
لم تنته حياة عماد مغنية باستشهاده بل بقيت حياته و ستظل مدرسة ينهل منها المجاهدون شتى أنواع التجارب لتستمر المسيرة التي عمل واستهد من أجلها .
لا يمكن الإحاطة بحياة عماد مغنية على كل الصعد وقلما عرفه الناس في حياته الأخرى التي لا تقل أهمية عن حياته الجهادية والحزبية .
يروي مقبون منه أن كان الأكثر تواضعا بين قيادات حزب الله وكان بتواضعه هذا يحرص علىالبقاء قريبا من العاملين معه ومن موظفيه حتى كأنه واحدا منهم يتفقد احوالهم ويتقصى أخبارهم ويجلس معهم دائما على مائدة واحدة وكان يرفض أن يخصص بأي شيء بحضورهم وتواجدهم ,كان الجميع عنده سواسية وكان أقرب إلى صغيرهم من كبيرهم ولم يعط أي اهتمام لمنصب أو جاه أو مسؤولية على حساب أصغر موظف عنده .
كان لعماد مغنية قلبا مفعما بالمشاعر والأحاسيس كان يتألم لكل شهيد وكان يتذكر أصدقاءه الشهداء بدمعة و حسرة وألم وكان ينعو أصدقاءه الشهداء بالتسليم لقضاء الله وقدره وكان يقول : و منهم من ينتظر وما بدولة تبديللا .
لقد كان عماد مغنية أقرب إلى مما يظن البعض وكان الله سبحانه و تعالى حاضرا دائما وأبدا في كل جوانب حياته وادبياته كان ممن يقومون الليل ويقرأون القرآن وكان لعباداته حيزا خاصا ومهما في حياته ,لم تلهه الدنيا وكثرة العمل عن التضرع والتقرب الى الله سبحانه و تعالى وينقل مقربون منه صلاته في إحدى ليالي القدر مئة ركعة عملا بالمستحب وتقربا الى الله تعالى .
في ذكرى عماد مغنية نتذكره بخشوع وهو الرجل لا يموت ما زالت تضحياته وستظل مشرقة على صفحات الأمة حيا وميتا وما استشهاد نجله جهاد في ساحات الشرف إلا خير دليل على استمرار عطاءات هذا الرجل .
عماد مغنية الرجل الذي لا يموت والزمن الذي لا يمحوه الغياب  .


كاظم عكر