يعود الإرهاب التكفيري مجدداً إلى الساحة الداخلية اللبنانية ليصطاد مجدداً أكثر من عصفور، فهو ضرب أمنياً وسياسياً، وكما نجح في الاستهداف الأمني، كان يهدف أيضا إلى استدراج رد فعل من أهالي جبل محسن ليستعيد مجدداً دوره في إشعال الفتنة.

والتي كانت طرابلس قد تجنبتها في أكثر من محطة وجولات كثيرة من التوترات الأمنية. حتى  الأن يبدو أن الوضع ممسوكا وكان أهالي جبل محسن وقياداتهم على أعلى درجة من الوعي والمسؤولية ابتداء من المواطنين العاديين وصولاً إلى الحزبيين رغم الخسارة الكبيرة التي وقعت في الأرواح والممتلكات وهي بلا شك خسارة لكل لبناني أينما وجد.

لكن المطلوب والمرتجى في هذه الأيام الصعبة على لبنان وأهل طرابلس أن يكونوا اكثر وعيا ولا سيما السياسيين الذين كان لبعضهم دورا في اللعب على الوتر الطائفي والتجييش المذهبي وإلا لِمَ سيخرج هذان الانتحاريان من منطقة المنكوبين؟ أليس لأنهما وجدا بيئة حاضنة لهما؟

المطوب اليوم التزام خطاب سياسي واعٍ يفوت الفرصة على المصطادين في الماء العكر وعلى كل من تسول له نفسه أن تستمر هذه العمليات الإرهابية البغيضة.

لقد هدف التفجيران أيضا إلى إعادة طرابلس إلى الوراء وإلى ضرب أسس الحوار الذي انطلق بين تيار المستقبل المعتدل وحزب الله والعودة بلبنان إلى أيام التفجيرات الأولى في الضاحية وطرابلس والهرمل.

ولكن السؤال الأبرز كيف وصل الانتحاريان إلى القلمون، وكيف عادوا، بعد أن تدربوا هناك على عملية التفجير، وشحن نفسيهما بالمزاعم الدينية التي لا تمت للدين بصلة؟

إذا هناك خرقٌ أمني كبير يخشى المراقبون السياسيون والأمنيون أن يمتد إلى أكثر من منطقة في ظل فشل المجوعات الإرهابية في القلمون وجرود عرسال من تحقيق أي خرق للحصار المفروض عليهما.

وتتحدث مصادر أمنية أن الاسترخاء الأمني الذي شهده لبنان بعد فترة الأعياد استفاد منه هؤلاء الإرهابيون وحصل ما حصل ... لذا المطلوب استنفار لجميع القوى الأمنية الرسمية وأن تبقى أعينها مفتوحة واالقيام بعمليات استباقية كما جرى في السابق ومداهمة الإرهابيين وأوكارهم وشققهم وبيوتهم لنجنب لبنان أي خضات أمنية خصوصا أن جميع اللبنانيين رحبوا بالحوار القائم بين تيار المستقبل وحزب الله، لما له من انعكاسات إيجابية على الساحة اللبنانية ....

ونحذر المصادر الأمنية من أي تقاعس في مواجهة الإرهاب التكفيري وخصوصا أن هذا الأخير فقد الكثير من أوراق قوته في الجبال والجرود لذا فهو أمر خلاياه النائمة بالتحرك فلا يجوز أن تنام خلايانا.