قد يكون إعلان مؤسس التيار السلفي داعي الإسلام الشهال نيته بالتحاور مع "حزب الله" منذ ايام، يهدف اولاً بالمعنى الامني مقدمة لسحب مذكرة التوقيف الصادرة بحقه وإطلاق سراح نجله جعفر الموقوف لدى استخبارات الجيش منذ منتصف الجاري. وهذا الهدف قد يكون مرتبطاً بمسار قضائي وليس سياسيا وفق القوانين المرعية الإجراء. لكن على المستوى السياسي تكتسب هذه الدعوة بأهميتها وتوقيتها ابعاداً اخرى. ومعلوم ان داعي الاسلام الشهال موجود حالياً في السعودية ولولا وجود رضى سعودي عن تصريحاته و"ضوء اخضر" لها لما كانت صدرت وهذا ينفي بطبيعة الحال ان تكون هذه التصريحات "نكاية" بتيار "المستقبل" ورئيسه سعد الحريري الموجود في الرياض ايضاً والذي تغطي ايضاً حواره مع "حزب الله".
وتعيد دعوة الشهال "حزب الله" الى التحاور الاذهان الى 19 آب من العام 2008 عندما اعلن الشهال نفسه تراجعه عن الوثيقة التي وقعها مع "حزب الله" في اليوم التالي في مؤتمر صحافي مع الدكتور حسن الشهال بضغط منه ومن التيارات السلفية الاخرى بعد إجتماع ناقش مضمون الوثيقة وخلص المؤتمر الصحافي لـ"الشهالين" الى ضرورة ان يشمل الحوار مع "حزب الله" كل الاطراف الاسلامية المعنية على رأسها المؤسسة الرسمية.
وإذا كانت سياسة "حزب الله" منذ تأسيسه وحتى اليوم هي مد اليد وإبقاؤها ممدودة، رهن استجابة الطرف الآخر او الراغب بالحوار معه، فإن دعوة الشهال الى الحوار مع الحزب هي في الشكل مرحب فيها وتبقى التفاصيل رهن التواصل والتشاور بين الجانبين تمهيداً للوصول الى النتائج المرجوة.
ورغم ان الحوار بين "المستقبل" و"حزب الله" قد فعل فعله في تنفيس الاحتقان المذهبي على الاقل بين الجمهورين، فإن اوساطاً اخرى في الطائفة السنية ترى ان لا خلاف سنياً - شيعياً على الساحة اللبنانية بالمعنى المذهبي وحتى السياسي، لكن الخلاف الحقيقي هو على خيارات الطائفة السنية نفسها. وتعتقد هذه الاوساط المنضوية في تجمع لقاء احزاب 8 آذار ان ترتيب البيت السني اولاً كفيل بشد ازر وعضد الطائفة السنية. فلا يمكن احتكار واختصار التمثيل النيابي والوزاري والسياسي بتيار "المستقبل" وآل الحريري. ويشار الى ان الاقطاب السنة المنضوين في تجمع 8 آذار هي: النائب السابق اسامة سعد والوزير السابق عبد الرحيم مراد والعميد مصطفى حمدان وجبهة العمل الاسلامية وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية بالاضافة الى تجمع العلماء المسلمين الذي يضم علماء من الطائفتين السنية والشيعية وهو كيان مستقل بذاته.
في المقابل تبدو العلاقة بين "حزب الله" و"الجماعة الاسلامية" في وضعها الطبيعي رغم التباين بين الجانبين على الملف السوري و"الغبار" الذي اثارته "الجماعة" خلال وبعد احداث عبرا وتأييدها الضمني والعلني لانصار الارهابي احمد الاسير وإطلاق النار السياسي المستمر على "سرايا المقاومة" وخصوصاً في مدينة صيدا على إعتبار ان السرايا قد جذبت الشباب الصيداوي من "كيس"  الجماعة والتنظيمات السنية الاخرى وفي مقدمتها "التنظيم الشعبي الناصري".  وكذلك حادثة إطلاق الصواريخ  التي قام بها الشيخ حسين عطوي  احد اعضاء "الجماعة الاسلامية" والمفارقة ان "الجماعة" طلبت من قيادة "حزب الله" التوسط لإطلاق سراح عطوي بعد توقيفه على اعتبار ان عمله مقاوم وردة فعله طبيعية وعفوية على العدوان الهمجي الذي شنته اسرائيل اخيراً على قطاع غزة.  ويشير مطلعون على العلاقة بين "الجماعة" والحزب الى انها طبيعية مع احتفاظ كل من الطرفين بخصوصية موقفه من الازمة السورية من دون ان يعاد النظر في العلاقة بين الطرفين بعد حسم حركة "حماس" خياراتها بالانغماس (ولو لم تعلن ذلك بشكل علني وكامل) وإعادة تصويب البوصلة في محور المقاومة والممانعة. وخصوصاً ان "الجماعة الاسلامية" تدين بالولاء لجماعة "الاخوان المسلمين" الذين يشهدون اصعب مراحلهم السياسية من مصر الى تونس وليبيا وتركيا وحتى في سورية.
العلاقة بين "حزب الله" والتيارات السلفية الاخرى المنضوية في "هيئة العلماء المسلمين" التي يرأسها الشيخ سالم الرافعي مقطوعة ولا يوجد اي تواصل بين الجانبين رغم ان "حزب الله" لا يمانع وجود هذه العلاقة اذا ابدت "هيئة العلماء" اي اشارات ايجابية لكنها متحفظة ولا تتمتع بالجرأة لذلك حتى انها لم تعلق لا سلباً ولا ايجاباً على الحوار بين تيار "المستقبل" و"حزب الله".
اخيراً رغم كل التباينات على الازمة السورية بين "حزب الله" والدول العربية المشاركة في الحرب على النظام والشعب السوري، يحتفظ الحزب بعلاقة عادية مع سلطة الرئيس السيسي وتترجم بلقاءات دورية بين مسؤول الملف العربي في "حزب الله" وقنصل مصر في لبنان. بينما تقتصر اللقاءات بين "حزب الله" وسفارتي السعودية وقطر على اللقاءات البروتوكولية والمناسبات الرسمية والمجاملات في الاعياد الوطنية من دون ان ُيغفل ان "حزب الله" لا يمانع اي لقاء او تواصل او حوار من شأنه ان ينظم الخلاف او يؤطره داخل الاروقة وعلى الطاولة وليس تركه "فالتاً" للعبث الاعلامي والسياسي.