في وقت ينتظر فيه أهالي الجنود المخطوفين خبراً ساراً عشية الأعيّاد علَّه يثلج قلوبهم وينهي المأساة على خير باستعادة أولادهم، تأتي الأخبار من القلمون وجرود عرسال لتبخّر كل هذه الآمال. فالمعلومات الأمنية والصحافية تتحدث عن محاولات حثيثة لداعِش بالإمساك بالأرض والقرار في جرود القلمون وسط احتمالات عن إمكانية قيام هذا التنظيم الإرهابي لشنَّ اعتداءات على المناطق القريبة من الحدود الشرقية... إضافة الى الأنباء التي تتحدّث عن إمكانية المواجهة بين داعش وجبهة النصرة إذ يحاول كل منهما أن يمسك بالأرض، هذا فضلاً عن اعتبار داعش لجبهة النصرة أنهم كفرة ويجوز قتالهم.

كل هذه المعلومات والأجواء لا تبشّر بانفراجات توحي بأنَّ مصير المخطوفين يسير نحو الحل، ولو حصل فعلاً أنْ سيطرت داعش على جبهة القلمون وجرود عرسال فكيف ستكون الصورة؟ حتماً ستكون أسوأ من هذه وسيعاد خلط الأوراق من جديد وسيكون على حكومتنا أنْ تستعدّ للأسوأ أيضاً ولاسيما أن لداعشَ نهجاً أكثر تشدداً من التنظيمات الأخرى، وقد تُقدم على أفعال غير محسوبة بالنسبة للجنود ما يفقد المفاوضات الجارية حالياً أيَّ فرصة للنجاح...

وتتحدث الأنباء أيضاً أنَّ داعش بعد خسارتها في أكثر من منطقة استراتيجية خصوصاً في حلب وغيرها، وتريد أن تلعب هذه الورقة الأخيرة لديها في جبهة القلمون عرسال علّها تستطيع أن تقوّي أوراق مَنْ يدعمها في المفاوضات الدائرة بين الكبار من أجل إيجاد تسوية للأزمة السورية في الأشهر أو السنوات المقبلة...

وإذا كانت الأزمة السورية ستطول كما يتحدّث مسؤولون سوريون وغربيون فإن لداعش أيضاً حساباتها، فهي لا تريد أن تخرج من موسم القتال هذا خالية الوفاض، هي تريدُ أن تفرض نفسها كقوة ضاربة لا يمكن الغاؤها أو شطبها ولو عبر مزيد من حمَّامات الدم والخراب والدمار.

إنها تقول من خلال تحركاتها العسكرية وخططها في المستقبل أنّها هي "أم الصبيّ" ولن تكون هناكَ تسوية على حسابها لذا فهي تعمل وتجهد لأن تضم كل الفصائل تحت جناحها، وبذلك تتمكن من تجميع قواها المشرذمة علّها تستعيد الزخم الذي كانت بدأته في العراق وسوريا...

إذاً هل تحمل داعِش إلينا ونحن على أبواب نهاية العام رسائل أمنية وعسكرية على طريقتها؟ وماذا تخبىء لنا على الحدود الشرقية التي يزداد فيها الطقس سوءاً في هذين الشهرين؟ وهل تحسم المعركة مع النصرة أم يتفقان؟ وفي كلا الأمرين هناك خطر ينتظرنا، الخطر سيكون أولاً مسرحه الجرود والمناطق الحدودية....

فهلّا رصصّنا الصفوف واكتملت عدة المواجهة؟ الأيام القادمة وحدها القادرة على التنبؤ بما تخبئه للبنان الذي لا حول له ولا قوة...