من تابع مقابلة الرئيس سعد الحريري بالأمس على شاشة البي سي يقرأ في ابعادها عناوين لمرحلة سياسية خارجية ستنعكس ايجابا ً على لبنان .. فالمفاوضات الجارية بين الغرب و ايران و ان لم تؤدي الى نتائج فورية فهي ستنتهي في نهاية المطاف الى حلول ترضي الاطراف كلها و سوف ينعكس هذا التوافق الدولى و الاقليمي  غلى الساحة اللبنانية التى يريدها الاميريكيون في هذه المرحلة ساحة هادئة امنيا و سياسيا .

وتتحدث المعلومات أن أطراف المعارضة السورية في موسكو تجري مباحثات مع المسؤولين الروس حول التسوية المقبلة المحتملة , وما هو دور هذه المعارضة مستقبلا ً بعد جلاء المعارك الدائرة هناك , اذ يدور حديث عن امكانية تسوية بين الجيش الحر و الجيش النظامي السوري لمحاربة داعش و اخراجها من حلب و المدن الكبرى باتجاه الارياف . كل هذه الاجواء الاقليمية و الدولية فتحت المجال امام الحوار الداخلى اللبناني و لا سيما بين طرفين اساسيين في لبنان يمسكان بدفة الامور السياسية و الامنية فيه. و قد ادرك الرئيس سعد الحريري ان لا مناص من تفعيل الحوار لانه من غير المعقول ان تتجه المنطقة نحو تسوية محتملة و نحن في لبنان نتخاصم و نتشاجر اعلاميا و سياسيا .

فالمطلوب في هذه المرحلة هو تهدئة الساحة السياسية اللبنانية , لان ذلك يريح المجتمع الدولي الذي يسلط مجهره على الوضع في العراق و سوريا . اذا في اطلالة الحريري و مواقفه السياسية امور ايجابية كثيرة فهو تحدث بصراحة عن اهداف الحوار مثل تخفيف الاحتقان السني – الشيعي و ملف الرئاسة .

وكان الحريري واضحا بالنسبة  لموقفه من ناحية انتخاب رئي للجمهورية فهو يدعو حزب الله الى البحث بجدية عن شخصية توافقية بعيدا ً عن جعجع و عون لملء الفراغ الرئاسي بدل ان نستمر في الانتظار الطويل لتأتي الاشارات الخارجية و الدولية لتحريك هذا الملف .

وعندما يلمح الرئيس الحريري الى قائد الجيش العماد جان قهوجي او حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة فانه يكون قد فتح كوة كبيرة في هذا الملف المستعصي وقطع اي امل لجعجع او عون بالوصول الى سدة الرئاسة الاولى .

واللافت ايضا في كلام الحريري انه لاول مرة ٍ يتحدث بصراحة عن هذين الاسمين اللذين لهما حضور ٌ على الساحة السياسية اللبنانية , فقهوجي قد يكون الاوفر حظا ً لانه ابن المؤسسة العسكرية و يقود لبنان في مرحلة هيمن اصعب المراحل التى يشهدها في تاريخه فالمنطقة من حوله تغلي على فوهة بركان واستطاع قهوجي ان يضبط الامور و يحد من اي فلتان امني في الداخل و على الحدود من شأنه ان يفجر الساحة اللبنانية وكذلك"  لسلامة "  دور في الاستقرار النقدي في لبنان رغم الازمات الاقليمية و الدولية وتأثيرها عليها لا بل انه جذب استثمارات جديدة الى لبنان مما يعطيه ايضا فرصة ذهبية للوصول الى سدة الرئاسة .

 

اذا فالمطلوب الآن ملاقاة الحريري في هذا الملف  بالذات فانجازه يخفف كثيرا من الازمات الداخلية فرئيس الجمهورية ان انتخب فسوف يرخي ايضا هذا الانتخاب على الاوضاع الاقتصادية و الامنية و السياسية و الاجتماعية فهل تسرّع الاطراف السياسية في لبنان خطواتها نحو الحوار ام تبقى منتظرة حلول التسويات فتطول معها ازماتنا ؟