اذا كانت استعادة الموصل من "داعش" تحتاج الى سنة على ما يقول الجنرال جون آلن منسق عمليات التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي، فقد يصل ابو بكر البغدادي وجماعته الى واشنطن في خلال هذه المدة، وخصوصاً مع العراقيل التي تواجه تأمين القوات التي يفترض ان تتصدى للإرهابيين على الأرض .

ثمة اجماع على ان الغارات لن تحسم المعركة، وخصوصاً بعدما فقدت اميركا وشركاؤها عنصر المفاجأة ما أتاح للإرهابيين النزول تحت الارض، وهناك قرار في واشنطن والعواصم الأوروبية بعدم المشاركة بقوات برية، وهذا يتطلب مزيداً من الوقت لتأمين قوات عراقية سواء من الجيش او من مقاتلي العشائر السنّية في الأنبار، إضافة طبعاً الى قوات كافية من البشمركة لمواجهة "داعش" !
في سوريا يبدو الوضع اكثر تعقيداً، ذلك ان الأميركيين أمضوا سنتين لتدريب لواء من خمسة آلاف مقاتل من "الجيش السوري الحر" في الأردن، في حين يقول آلن ان هناك حاجة الى ١٥ ألف مقاتل لمواجهة "داعش" وتعبئة الفراغ الذي يتركه تراجع الارهابيين بدلاً من ان يقوم الاسد بتعبئته، ثم ان مبلغ الـ٥٠٠ مليون دولار التي رصدها الكونغرس لتدريب هؤلاء وتسليحهم لن تصرف قبل سنة ٢٠١٥ !
كل هذا يدعو الى الانتباه الى ان مسار الميدان العسكري لم تؤثّر فيه الغارات الجوية كثيراً. صحيح انها أصابت مواقع عسكرية ومراكز نفطية للإرهابيين، لكن ها هو فريديريك هوف المستشار المستقيل لباراك اوباما يقول ان "داعش" يمكن ان تجتاح بغداد، وخصوصاً انها تقف على مسافة كيلومترين منها، وها هو حيدر العبادي يعارض مشاركة المقاتلات العربية في العمليات فوق العراق نزولاً طبعاً عند الموقف الايراني، ويماطل في التشكيلات العسكرية التي يفترض ان تقوم بالمواجهة في المناطق السنّية، على خلفية ما يسميه آلن الرغبة في تشكيل ضباط من "غير الملوثين بالمالكي"!
الموقف التركي الذي سبق ان برز في قول رجب طيب اردوغان ان مدينة كوباني الكردية خط احمر تراجع امس الى مستوى تحذير "داعش" من اجتياح مزار سليمان شاه مؤسس الأمبراطورية العثمانية، اما الأكراد الذين وصلوا من العراق لدعم اخوتهم في كوباني فقد منعتهم القوات التركية مستعملة القنابل المسيلة للدموع، في حين باتت المدينة مهددة بالسقوط والمذابح .
المثير ان الدواعش في العالم يقرعون النفير لخلق تحالف بينهم، يواجه التحالف الدولي الذي تحدث عنه اوباما، فها هي حركة "طالبان" تدعم "داعش" وتعد بمدّها بالمقاتلين، وها هي بؤر ارهابية كثيرة في المغرب العربي تعلن تأييدها لـ"الدولة" الاسلامية"، وآخرها كتيبة عقبة بن نافع على الحدود الجزائرية - التونسية، والملاحظ ان دينامية الارهابيين تتقدم دينامية الحرب على "داعش"، وهو ما يطرح كثيراً من الشكوك والتساؤلات .