في ١٩ آذار من عام ٢٠٠٣ بدأ جورج بوش حربه على العراق. بعد ١٤ يوماً وتحديداً في ٣ نيسان تهاوى نظام صدام حسين. في ٨ آب الماضي بدأ الطيران الاميركي غاراته على "داعش"، وأول من أمس أي بعد 24 يوماً لم يتهاوَ ابو بكر البغدادي بل تقدمت "داعش" على اكثر من جبهة... عجيب! لا حاجة الى المقارنة بين جيش صدام حسين وبين "الدواعش"، صحيح ان ثمة فرقاً بين حرب الجيوش وحروب العصابات، ولكن هذا لا يمنع من التأمل في ضراوة القتال الذي خاضه جورج بوش وربما في انتقائية القتال المتأني الذي يخوضه باراك أوباما. قبل ثلاثة أيام أعلن الجيش الأميركي انه قام بـ٤١٠٠ طلعة جوية منذ ٨ آذار، وحرصاً على الدقة والأمانة قال انها تشمل طلعات المراقبة والإمداد بالوقود والغارات، وأضاف ان مقاتلات الدول العربية الخمس شنّت ٦٣ غارة على داعش في "سوريا" بينما شنت اميركا ٦٦ غارة على هذه المواقع. لا حاجة الى ذكر التكلفة او عدد ليترات الوقود التي استهلكتها الطائرات، لكن من المناسب إلقاء نظرة على الواقع الميداني حيث أُعلن عن أن "داعش" باتت على ابواب بغداد وعن ارتفاع التوتر الأمني في كركوك بعد سيطرتها على قضاء الحويجة ونواحي العباسي والزاب وقرية البشير قرب كركوك، ما أدى الى نزوح ثلاثة آلاف عراقي. كذلك تقدم الإرهابيون نحو بلدة كوباني الكردية السورية المحاذية للحدود التركية. أكثر من هذا أعلنت انقرة ان "داعش" حاصرت ضريح سليمان شاه جد عثمان الأول مؤسس السلطنة العثمانية، الذي يقع تحت سيطرة تركيا وفقاً لاتفاق موقع عام ١٩٢١. في "البنتاغون" يدعون الى التحلي بالصبر الاستراتيجي ويعترفون بأن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً، لا بل انه استولى على اراض جديدة وان الطريق العسكري وحده لن يؤدي الى انهاء الجهاديين بما يعني اننا امام حرب طويلة جداً! إزاء هذا يبرز مثلاً التشكيك الايراني في جدية هذه الحرب، وخصوصاً بعد اسبوعين على الحديث عن تحالف أربعين دولة ولكأن "الدواعش" في حجم جيش الصين. صحيح ان اميركا فقدت عنصر المفاجأة لتأخرها في بدء العمليات في انتظار موافقة الكونغرس، ولكن هذا لا يبرر استمرار الارهابيين في التقدم بعد ثلاثة اسابيع من الغارات! أوباما يرى أن ضرب "داعش" قد يساعد الأسد الذي يتهمه بارتكاب جرائم ضد شعبه، ولهذا فهو يدرك "التناقض في ارض مليئة بالتناقضات تحت ظروف متناقضة"(!) لكنه يرفض بقاء الاسد في السلطة، لتأتي النكتة السمجة من النظام السوري الذي يقول إن أميركا لا تبلغنا بالغارات ولكن حسناً انهم يقاتلون "داعش" ونحن نقاتل "داعش"!