في خطوة مفاجئة وذات دلالات سياسية عدة كلف رئيس الجمهورية العراقية فؤاد معصوم القيادي في حزب الدعوة الاسلامية حيدر العبادي تشكيل الحكومة العراقية وذلك في اليوم الأخير من المهلة الدستورية , وحيث انه لم يجر الاتفاق مع رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي فإن الخطوة التي قام بها الرئيس العراقي تحمل دلالات وتداعيات عدة في السياسة الداخلية للعراق وفي السياسة الخارجية أيضا وذلك نظرا لأهمية هذه الخطوة على الصعيدين الداخلي و الخارجي للعراق .
وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العراق مشادّات عديدة سياسية وشعبية حول منصب رئاسة الحكومة العراقية  ,ففيما يصر المالكي على الاحتفاظ بموقعه لولاية جديدة يشهد العراق السياسي والشعبي مطالبات عدة بالتغيير كان آخرها ما صدر عن المرجعية الشيعية مباشرة حيث ألمحت الخطابات الأخيرة لوكلاء المرجعية الشيعية إلى ضرورة التغيير انتقدت إصرار المالكي على الاستمرار بالحكم والتشبث بمنصبه  .
وحسب القانون العراقي فإن المادة 76 من الدستور في فقرتها الأولى تلزم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددًا، بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، الذي تم في 24 من الشهر الماضي، فيما تنص الفقرة الثانية على أن يقوم رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يومًا من تاريخ التكليف، وفي حال إخفاق الرئيس المكلف في تشكيل الحكومة، تؤكد الفقرة الثالثة على أن يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح جديد لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً، كما يتعين بحسب الفقرة الرابعة على الرئيس المكلف عرض أسماء أعضاء وزرائه وبرنامجه الوزاري على مجلس النواب، ليحصل على ثقته بالغالبية المطلقة، أي ما يعادل 165 نائباً من مجموع عدد نواب المجلس البالغ عددهم 328 عضواً في هذه الحالة
.
وبذلك، تبدأ اليوم، المهلة الدستورية التي تستمر شهراً، والتي من المفترض أن يشكل العبادي خلالها حكومته، بعد أن كلفه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، امس بهذه المهمة.
وفي ردود الفعل على تكليف العبادي سارع الرئيس نور المالكي إلى الرفض متهما رئيس الجمهورية بالانقلاب على الدستور .
من جانبه، سارع العبادي عقب تكليفه بتشكيل الحكومة إلى دعوة العراقيين إلى التوحد ضد الحملة التي يشنها مسلحو «داعش». وقال في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي العراقي إن على الجميع أن يتعاون للوقوف «ضد الحملة الإرهابية التي تشن على العراق وإيقاف كل الجماعات الإرهابية
».

فيما برز موقف لافت لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، الذي أيّد التكليف الحكومي، داعياً الجميع الى التعاون مع رئيس الحكومة الجديد، وتجنب أي اعمال عنف محتملة. ودعى مقتدى الصدر إلى «التعاون بين القوى السياسية لتشكيل حكومة يرأسها حيدر العبادي»، مشيرا إلى أن ذلك سيكون «بداية لحل المشاكل المتراكمة في البلاد». وقال الصدر في بيان إن تكليف العبادي هو من «البوادر الأولى واللبنة الأولى التي من خلالها نستطيع التفاؤل للوصول إلى بر الأمان، ومن أجل إنجاح تشكيل الحكومة الجديدة التي يجب أن تتحلى بالوطنية»، مضيفاً ان «هذا التكليف سيكون مقدمة مهمة وفعالة لإنهاء الأزمات التي لا يزال العراق يعاني منها».
ودعا الصدر أنصار المالكي إلى عدم اللجوء إلى العنف آملا «من جميع الأطراف التحلي بروح المسؤولية وعدم اللجوء إلى العنف، لا سيما الأخوة في حزب الدعوة ممن كانوا يميلون إلى ولاية ثالثة».
ورحبت الولايات المتحدة بترشيح العبادي لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وأشاد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال مكالمة هاتفية مع معصوم، بتسمية رئيس جديد للوزراء، ووصف الأمر بـ«الخطوة الحاسمة». وجاء في بيان للبيت الابيض أن «نائب الرئيس جدد الدعوات المتكررة للرئيس الأميركي باراك أوباما لتشكيل حكومة اكثر انفتاحا بشكل سريع تكون قادرة على الاستجابة للهموم الشرعية للعراقيين كافة»، وأكد على رغبة أوباما بـ«تعزيز التعاون مع حكومة عراقية جديدة والقوات الأمنية العراقية لاستعادة كل ما سيطر عليه تنظيم داعش».
من جهته، رحب الرئيس الأميركي باراك أوباما بتعيين العبادي، متمنياً انتقالاً سلمياً للسلطة مع تشكيل حكومة تمثل مكونات المجتمع كافة.
وقال أوباما، في كلمة أدلى بها أمام الصحافيين في جزيرة مارثاز فاينيارد حيث يمضي إجازته في ماساتشوستس، «اليوم، خطا العراق خطوة واعدة إلى الإمام»، مضيفاً أنه «أمام القيادة الجديدة مهمة صعبة لاستعادة ثقة مواطنيها من خلال حكومة جامعة واتخاذ خطوات تؤكد عزمها».
من جهته، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اتصال هاتفي، لتهنئة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتخابه، الأوضاع في العراق بأنها «مقلقة»، وأكد أن «الحكومة القانونية الجديدة يجب تشكيلها في هذا البلد في أسرع وقت ممكن»، وأضاف ان «من المهم بالنسبة لايران أن يتولي الشخص الذي يحظى بتأييد غالبية نواب البرلمان العراقي السلطة، وأن يبدأ اجراءاته القانونية في هذا البلد».

في التداعيات فإن أطرافا عديدة أعربت عن تشاؤمها من ان تكون هذه الخطوة سببا في انقسامات جديدة في الشاعر العراقي خصوصا مع المواقف الحادة التي أطلقها المالكي وحزب الدعوة حول الاعتراض على هذه الخطوة