هل من المعقول ان يبلغ عدد الارهابيين الذي اختطفوا عرسال واعتدوا على الجيش وقوى الامن وعلى اهالي البلدة، ثلاثة آلاف مسلح ومن جنسيات مختلفة، وان تبقى السلطة اللبنانية زمناً طويلاً متعامية عن الخطر الذي يمثله وجودهم في تلك المنطقة، وخصوصاً بعد مسلسل الصدامات بينهم وبين "حزب الله" الذي شرّع الحدود عندما ذهب لنصرة النظام السوري؟
وهل كان من المفاجئ ان يظهر في مخيمات اللاجئين السوريين متطرفون وارهابيون سارعوا الى حمل السلاح والتعاطف مع هؤلاء التكفيريين، وقاموا بالسيطرة على البلدة واحتجزوا الرهائن وأطلقوا النار على الجيش، واين كانت الاجهزة المختصة ولماذا لم تعرف اساساً بوجود هذه العناصر، واذا كانت تعرف فلماذا سكتت كل هذا الوقت ولماذا تغاضت عن بقاء هذه القنابل الموقوتة؟
واذا كان هؤلاء يلوذون بمخيمات اللاجئين في المنطقة كلما كانت المعارك مع الجيش السوري و"حزب الله" تدفعهم غرباً، فلماذا لم تبادر السلطة اللبنانية او ما تبقى منها، الى اعطاء الجيش وقوى الامن الاوامر الضرورية لمعالجة هذا الخطر قبل ان يتفاقم وينفجر؟
وهل كان من الضروري ان يسقط ١٦ شهيدا و٨٦ جريحاً إضافة الى ٢٢ مفقوداً من القوى اللبنانية لكي تعلن الحكومة "استنفار كل مؤسسات ودوائر الدولة لمواجهة الارهابيين وان لا تساهل معهم ولا مهادنة ولا حلول سياسية مع التكفيريين" على ما اعلن الرئيس تمام سلام، وحكومته ليست مسؤولة عن كل هذا لكنها وارثة لهذا الوضع الذي يتفاقم منذ ثلاثة اعوام؟
ان المستوى السياسي والحزبي في البلاد هو المسؤول عن فضيحة ما جرى، لأنه منقسم حول الازمة السورية منذ البداية وحول ما اذا كان يجب دعم النظام الذي يذبح شعبه او مؤازرة الشعب الذي يتعرض لتدمير وحشي تمادى الى درجة استيلاد هذه الحركات الارهابية التكفيرية، التي لم تعد تقاتل من منطلق المعارضة بل من منطلق العدمية المطلقة والجريمة البدائية، مستغلة الدين ومؤججة نار الفتنة السنية - الشيعية التي قد تحرق المنطقة كلها!
وهل كان من الضروري ان يسقط الشهداء من الجيش وقوى الأمن والاهالي في عرسال، لكي نعلن الاستنفار العام ونؤكد ان الحل الوحيد هو انسحاب الارهابيين من الاراضي اللبنانية؟ أولم يكن مجرد دخول هؤلاء الاراضي اللبنانية مبررا كافياً لإعلان الاستنفار العام، ام ان الدولة او ما تبقى منها كانت مجرد شاهد زور يتفرج على المعارك والاشتباكات تدور على ارض لبنان بين "داعش" و"النصرة" وبين "حزب الله" والنظام السوري؟
ولماذا نؤجّل النقاش في المسببات الى يوم آخر، فالجيش يقوم بدوره الوطني في مواجهة الارهابيين والشعب وراءه، لكن من واجب المسؤولين الانكباب فوراً على مناقشة ماسمّاه رئيس الحكومة المسببات لإنهائها!