إفطار "دار الايتام الاسلامية" كان وجبة موجعة من تسعة ملفات صعبة ومعقدة تواجه لبنان و"حكومة المصلحة الوطنية"، عدّدها رئيسها تمام سلام بكثير من الضيق والألم، وهو ما يدفع الى القول انه كلام لإفطار الايتام اللبنانيين جميعاً، الذين تعلكهم سلسلة من العقد والمشاكل المتداخلة باتت تهدد بتفكك الدولة، على ما حذّر منه منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية روس ماونتن!

تمام سلام الدمث الذي يحرص على اتّباع سياسة الحسنى مقرونة بصبر ايوب، هو الذي يحفظ عقد الحكومة من الانفراط حتى الآن، ولهذا فعندما يحذّر من ان الاوضاع العامة في البلاد آخذة في التراجع نتيجة التعطيل الذي اصاب السلطة التشريعية، وبدأ يتسلل الى السلطة التنفيذية والى كل المؤسسات، فذلك يعني ان المصلحة الوطنية باتت عند الخط الاحمر، ولكن ما يجوز لروس ماونتن ان يقوله حرفياً لا يجوز لرئيس حكومة لبنان ان يقوله، ولو كانت كل سكاكين الدنيا في بلعومه وكل خناجر القبائل اللبنانية المتناحرة في ظهره!
منسق الامم المتحدة المقيم للشؤون الانسانية يحذّر من ان لبنان يواجه خطر التفكك كدولة ألقي على عاتقها مليون ومئة ألف لاجئ سوري، وهؤلاء هم المسجلون بينما تجاوز عدد اللاجئين عبر الحدود الفالتة المليونين، لكن سلام يحذّر مما هو أخطر من طوفان اللجوء السوري الذي اضيف الى طوفان آخر من الأغراب الذين دخلوا ويدخلون الى البلد خلسة او تهريباً!
سلام يحذّر من حال اللجوء والتشرد التي تعاني منها مؤسسات الدولة اللبنانية، فالشلل والتعطيل اللذان أصابا السلطة التشريعية ويتسللان الى السلطة التنفيذية، كانا قد انطلقا اصلاً من التعطيل المتمادي للاستحقاق الرئاسي الذي يبقي الجمهورية بلا رأس كما يقول البطريرك الراعي، وليس مبالغة الافتراض ان الدولة التائهة واللاجئة تهدد لبنان بالتفتت، اكثر بكثير من مشكلة اللاجئين الذين كان في وسعنا معالجتها لو كانت لنا دولة حقيقية!
لكننا في دولة المساخر عندما يتم استرهان المسار الدستوري لانتخاب رئيس للبلاد بتعطيل عملية الانتخاب وربطها بشخص واحد يصر على ان قصر بعبدا السليب من أملاكه وانه حق مكتسب يستعيده كعود الصليب... وليعذرنا المصلوب وحراس القبر!
سلام حذّر من الاستمرار في تعطيل عدد من الملفات الحيوية، التي تتطلب اتّخاذ قرارات سريعة لنتلافى سلسلة من الازمات الاجتماعية والاقتصادية والمالية الكبيرة، اضافة طبعاً الى ملف النازحين السوريين الذي بات يشكل بأبعاده الأمنية والصحية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، عبئاً هائلاً هو الذي يقول ماونتن انه يمكن ان يدفع الدولة اللبنانية المفتتة الى الانهيار!
لكن "لا تندهي ما في حدا، عتم وطريق... وجنون ما مخلّي حدا"!