حين سارع رؤساء بعثات ديبلوماسية في الاسابيع الأخيرة من ولاية الرئيس ميشال سليمان الى الطلب اليه الموافقة على تمديد ولايته، لم يكن ذلك منسجما مع توقعات بان الانتخابات كانت لا بد حاصلة وان هؤلاء فوجئوا بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس بل اتى وفقاً لتوقعات بان الشغور في موقع الرئاسة قد يستمر طويلأ وانه كان لا بد من بقاء الرئيس سليمان لسنة على الاقل من اجل ان تنقشع الامور في المنطقة وتسهل بالنسبة الى لبنان بحيث يستطيع ان يعبر هذه المرحلة بأقل مستوى ممكن من الخلافات والتحديات، وان يكن ينبغي الاقرار بان الرئيس سليمان لم يساعد في ذلك من خلال مواقفه السيادية التي استفزت فريقاً كبيراً. الجميع كان ولا يزال في صورة هذه التوقعات حول فراغ محتمل وتأكد خصوصاً وفق ما نقلت المصادر السياسية عن السفراء الذين تنقلوا في بعض العواصم الاقليمية مسهلين العمل على ولادة الحكومة الحالية من انه ثبت لهؤلاء ان هذه الحكومة انما تمت المساعدة في ولادتها لانها ضرورية في مرحلة الفراغ الرئاسي ومن اجل ان تلعب دوراً لان هناك شغوراً سيحصل وهو قد يستمر اشهراً. وتاليا لم تكن هناك اوهام كبيرة بأن شيئاً يمكن ان يخرق هذه التوقعات بحيث تجرى الانتخابات قبل نهاية الصيف على الاقل او ان هناك مفاجآت منتظرة من لقاءات تعقد هنا او هناك او اثارة موضوع الرئاسة اللبنانية في اجتماعات عالية المستوى في فرنسا او المملكة السعودية او حتى في مجلس الامن في ضوء مناقشة التقرير حول القرار 1701.

وثمة في مواقف الافرقاء الاساسيين ما يظهر هدوءاً على جبهة الانتخابات وتبريداً كبيراً خصوصا من جانب "حزب الله" المنشغل اقليمياً، من دون ان يعني ذلك عدم المتابعة وخصوصاً لجهة الاتصالات التي تتركز في الخارج منذ بعض الوقت بعد استنفاد الساحة الداخلية خياراتها، اللهم باستثناء الافرقاء المسيحيين الذين يتعذر عليهم الاستكانة امام الرأي العام المؤيد لهم او امام الخصم ايضا كما لو ان الانتخابات الرئاسية مؤجلة الى اجل غير محدد وهم يسلمون بهذا الواقع.
هل يسرق التمديد المرجح للمجلس النيابي في ظل اقتراب مهلة دعوة الهيئات الناخبة من اجل اجراء انتخابات جديدة الشهر المقبل الاهتمام من الانتخابات الرئاسية وقد اثارت تصريحات الرئيس نبيه بري حول نيته اجراء مشاورات حول كل من الانتخابات الرئاسية والتشريعية مخاوف البعض من تحويل للانظار يؤدي الى اهمال الانتخابات الرئاسية؟
حتى لو توافر اتفاق على شخص الرئيس العتيد للجمهورية في الاسابيع المقبلة، وهو ما ليس مؤكداً، فمن غير المحتمل وفق ما تجزم مصادر سياسية عليمة بان يتم الافراج عن هذا الاتفاق او الاعلان عنه قبل بت التمديد لمجلس النواب استناداً الى اقتناع بان استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية يشكل ذريعة مباشرة للتمديد في ضوء عدم القدرة على الذهاب الى انتخابات نيابية جديدة، وتالياً فان الفراغ ينبغي ان يبقى قائما حتى اقرار التمديد وحسمه وفق الآليات المعروفة. اذ ان المجلس النيابي الحالي هو الذي سينتخب الرئيس المقبل للجمهورية وهناك تلاقي مصالح بين أفرقاء اساسيين في البلد على ان يكون هذا المجلس هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية وليس اي مجلس آخر بناء على التوازنات القائم عليها والتي لن يخاطر اي فريق باطاحتها من خلال انتخابات جديدة يعتقد انها ستنسخ تلك التي اتت بالمجلس الحالي مع بعض الفروقات البسيطة وفق ما تقول مراجع سياسية. ولذلك فان القول بتوقع انتخابات رئاسية في الخريف انما هو مبني جزئيا وفق ما تقول المصادر السياسية على هذا الاعتبار بالاضافة الى الاعتبارات الاقليمية التي تمنع الرؤية وتدفع في اتجاه انتظار بلورة بعض اتجاهات التطورات الاقليمية المصيرية قبل ان يبت موضوع الاستحقاقات اللبنانية كرئاسة الجمهورية مثلاً.
ما تعتقد المصادر السياسية انه يجري راهناً هو محاولة تحقيق مكاسب بالتكتيك بين الافرقاء السياسيين ليس في موضوع الانتخابات الرئاسية فحسب بل ايضا في موضوع الانتخابات النيابية، في ظل عجز عن التأثير في اتجاهات الوضع في لبنان فعلا والتموضع سياسيا عشية الاضطرار الى التمديد لمجلس النواب بين من يرغب في اجراء الانتخابات ومن يصور انه لا يريدها قبل ان تحصل انتخابات رئاسية توصل رئيسا جديدا الى قصر بعبدا. تدرج المصادر المعنية الاقتراح الذي تقدم به العماد عون جزئياً في هذا السياق من اجل رمي كرة التمديد وعدم الرغبة في اجراء الانتخابات النيابية على عاتق الافرقاء الآخرين بذريعة ان فريقه ينوي الذهاب الى انتخابات جديدة وبقانون جديد في ما يرفض الآخرون ذلك مع علمه المسبق ان ثمة مصلحة لتحالف القوى الذي ينتمي اليه بالتمديد للمجلس النيابي كما في المرة السابقة وفي ظل معلومات تفيد بان استطلاعات الرأي التي تقدم تحت عنوان امتلاك هذا الفريق اكثرية شعبية ليست ضامنة لفوزه بالاكثرية في المجلس النيابي بما يساعد على انتخابه رئيسا للجمهورية استناداً الى رغبته في ان ينتخب المجلس النيابي العتيد الرئيس المقبل.