يجتمع هذا الاسبوع في بيروت ممثلون عن الدول التي تعهدت مساعدة لبنان في مؤتمر سيدر من دون ممثلين عن الحكومة اللبنانية، من اجل تنسيق طبيعة التعاطي مع المرحلة المقبلة في مؤشر يقول ديبلوماسيون انه ينم عن الرغبة في المساعدة، وذلك في ضوء الاستعدادات العلنية التي ابداها المسؤولون اللبنانيون حتى الان من اجل اجراء اصلاحات في قطاعات عدة. هذه الورشة اللبنانية المبدئية حتى الان تلقى صدى ايجابياً على خلفية قيام المسؤولين اللبنانيين بما يتعين عليهم القيام به من اجل تلقي الدعم الخارجي، على رغم ان الجلسة الاولى لجلسة الوزراء التي انعقدت الاسبوع الماضي رسمت علامات استفهام اذا كان هذا هو المسار الذي سيعتمد في الحكومة ام لا، باعتبار ان ما حصل يثير قلقا ويبدو غير مريح في سياق انطلاقة الحكومة. اذ ان لبنان الذي لم ينجح في ان يأخذ من الدول العربية في اثناء القمة الاقتصادية التي انعقدت في عاصمته الموقف الداعم الذي يريده ان من اجل اعادة دمشق الى الجامعة العربية او ازاء النازحين السوريين يواجه في الواقع، عكس ما يذهب اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بضرورة ترحيل النازحين من دون انتظار الحل السياسي في سوريا، باصرار الخارج العربي والغربي على الضغط من اجل الحل السياسي في الدرجة الاولى. وهو الامر نفسه الذي سيحصل في مؤتمر بروكسل 3 المرتقب في الشهر المقبل، اذ ان الدول الغربية ستصر على موقفها من الموضوع السوري كحل سياسي والتعاطي مع موضوع النازحين مما يترك لبنان مجددا وحده او حتى قسم منه دون سواه في الاصرار على الموقف المنادي بالتواصل مع النظام من اجل اعادة النازحين. وتالياً، فان المواجهة الحاصلة بين مقاربتين لبنانيتين حول النازحين والعلاقات مع سوريا على ضوء الاصطدام داخل الحكومة واستمرار الخلاف خارجها يخشى ان تثير فوضى في لبنان من دون ان تسمح بايجاد حلول لسوريا ونظامها في المدى المنظور. ومع ان رئيس الجمهورية وفريقه هما من يقودان هذه المقاربة من دون ان يجدان داعما خارجيا للمقاربة التي يعتمدانها فيما يعمد “حزب الله” الى تركهما ومراقبة تطورات الامور وكأنه لا يتدخل فيها، فان هناك مراقبة دقيقة للدور الذي يمكن ان يلعبه الحزب في طبيعة العلاقة من ضمن الحكومة وتوازناتها، علما ان الحزب هو حليف لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي.

وكان موضوع زيادة نفوذ الحزب قد شكل نقطة اساسية في الموقف الذي اطلقته السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد على اثر لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري. اذ ان هذا الموقف تمت قراءته ديبلوماسيا على انه مؤشر الى عدم تخلي الجانب الاميركي عن المشاركة في تقديمات مؤتمر سيدر على رغم اللهجة التحذيرية التي تضمنه موقفها من طبيعة التأثيرات في الحكومة. مضمون هذا الموقف الاميركي كان لافتاً لجميع حلفاء الولايات المتحدة الاميركية والعرب نتيجة لتأثيره في كل الاتجاهات من حيث المبدأ. لكن بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية غربية، فان الاعلان عن الصواريخ المتطورة التي وصلت الى الجيش اخيرا، كان مؤشرا على استمرار الدعم الاميركي ولو مشروطا بما تضمنه كلام ريتشارد على قاعدة ان الواقع السياسي والحكومي في لبنان يخضع للرقابة ما اذا كان حزب الله سيضغط في اتجاهات الحكومة ام لا. والموقف الاميركي مهم في هذا السياق واساسي، خصوصا انه يؤشر ايضا الى احتمال استمرار الدعم العربي الخليجي الذي يتحفظ ايضا ويعترض على تعاظم دور الحزب في الحكومة اللبنانية كما على الموقف الاوروبي، باعتبار ان الدول الاوروبية ايضا لا تود ان ترى ترجيحا لقرار الحزب في الحكومة على حساب التوازن الوطني. علما ان التوقف عند الكلام الاميركي يثير تساؤلات فيما اذا حصل ما يثير نقزة لدى واشنطن او تحفظا لديها يمكن ان ينعكس على كل آلية المساعدة في مؤتمر سيدر ام لا. وهذا الامر يبقى افتراضياً حتى الان، لكنه غير مستبعد انطلاقا من ان الدول الاوروبية كانت اصرت بدورها على التوازن في الحكومة وربطت تعاونها مع لبنان في هذا الاطار. وهذه الدول اعتمدت حتى الان موقفاً لا يتماهى كلياً مع الموقف الاميركي في موضوع تصنيف “حزب الله” ككل منظمة ارهابية وقد اكتفى الاتحاد الاوروبي بتصنيف ما يعتبره شقاً عسكرياً على انه كذلك من دون الشق السياسي على غرار الموقف المعتمد من موضوع الاتفاق النووي الايراني الذي رفضت دول الاتحاد الاوروبي مماشاة الموقف الاميركي بالانسحاب من هذا الاتفاق. لذلك من المهم تبيّن ما اذا كانت الدول الاوروبية يمكن ان تفصل موقفها عن استمرار الدعم الاميركي ام لا، علماً ان الاخير مستمر راهناً. فالامور يمكن ان تكون مترابطة في نواح متعددة. اذ ان البيان الذي اصدرته السفارة السويسرية مثلاً عن موضوع وقف تصدير اسلحة الى لبنان اثار بلبلة على مستويات ديبلوماسية وسياسية عدة. اذ ان الامور كانت في حاجة الى توضيحات لا تترك اي لبس انطلاقاً من ان لبنان لا يمكن ان يترك انطباعات بأن اي دولة قدمت اسلحة الى القوى الامنية ولم تعد تعرف وجهة الاسلحة. وكان لبلجيكا ملف مفتوح قبل ايام مع الامارات العربية المتحدة على اثر تقارير افادت بوجهة اسلحة اشترتها الامارات وتردّد انها وصلت الى مسلحين في اليمن. ولبنان لا يتحمل امراً مماثلا علماً ان الجيش اللبناني وقائده يحظيان بثقة الدول الداعمة له على نحو كلي.