بدا واضحاً ان باراك اوباما يضم صوته الى صوت المعارضة العراقية، وخصوصاً اياد علاوي وبعض القيادات الشيعية، وكذلك الى صوت السعودية في الدعوة الى انهاء حكم نوري المالكي الذي وصفه بأنه مارس ويمارس "سياسة طاردة وليس سياسة جامعة"، وان حل الأزمة يجب ان يتم بعيداً عن التدخل الخارجي وعلى ايدي العراقيين أنفسهم!
عندما يدعو اوباما ايران مباشرة الى "توجيه رسالة تخاطب كل المكونات في العراق" فهذا يعني انه يطالب طهران بإزاحة المالكي رجلها، الذي لم يفشل في التعامل مع هذه المكونات العراقية فحسب، بل مضى بعيداً في سياسات الإقصاء والتهميش والتنكيل بالمناطق السنية وهو ما جعل اميركيين يقولون لمجلة "فورين بوليسي" انه سمم العلاقات بين العراقيين وأطلق الثورة ضده، وقد احتلت "داعش" الارهابية واجهتها الاعلامية بتشجيع اعلامي متعمّد منه ومن ايران، للتعمية على اخطائه والزعم ان ما يحصل عملية ارهابية تشجعها دول خارجية!
في هذا السياق تبدو الاتهامات التي وجهها المالكي الى السعودية "سخيفة ومدعاة للسخرية" كما قال الأمير سعود الفيصل، ذلك ان السعودية تشن حرباً لا هوادة فيها على "القاعدة" و"داعش" والحركات الارهابية الأخرى، وسبق لخادم الحرمين الشريفين ان اصدر أمراً لقمع الارهاب بكل أشكاله سواء في الممارسة او العمل او التحريض او التمويل، كما سبق للمالكي نفسه ان أشاد بهذا القرار!
كان واضحاً ان اوباما يوجّه تحذيراً مبطناً الى ايران التي تقرع طبول التدخل العسكري، من مغبة التدخل في العراق، وهو الموقف الذي حذّرت منه السعودية أيضاً، فقد قال: "ان ايران يمكن ان تضطلع بدور بنّاء اذا وجّهت الرسالة عينها التي وجهناها الى الحكومة العراقية ومفادها ان العراقيين يمكنهم العيش معاً اذا ما جمعوا المكونات السنّية والشيعية والكردية... وانني أرى انه اذا تدخّلت ايران عسكرياً لدعم الشيعة فان الوضع سيتفاقم".
وعندما يدعو اوباما الى "اختبار المالكي وما اذا كان سيتجاوز الريبة والانقسامات المذهبية العميقة" وتقول هيلاري كلينتون إنه فشل، وترى إليانا روس ليتنين انه كارثة، ويدعوه جون ماكين الى التنحي، فهذا يعني انه صانع الريبة والانقسامات التي فجّرت الوضع!
الأمر اللافت في كلام أوباما اقتراحه عقد مؤتمر لدول الجوار خارج العراق، تحضره السعودية وتركيا وايران والقادة العراقيون، ويضع حلاً سياسياً يؤسس لتشكيل حكومة وحدة وطنية، على غرار "مؤتمر الطائف" الذي انهى الحرب اللبنانية، وبهذا بدا اوباما منحازاً الى الحل السياسي رغم اشارته الى ان استعداد واشنطن للقيام "بعمل عسكري محدد الهدف لا يعني إرسال جنود الى العراق".
ثمة اجماع متزايد على ضرورة اقصاء المالكي الذي تسببت سياساته بالانفجار، فهل يعقد الطائف العراقي لينحّيه أم يتقسّم العراق؟