بعد سقوط صدام حسين واتخاذ بول بريمر "القرار المؤامرة" بحل الجيش، ما أسس للفوضى العراقية منذ ذلك الحين، ارتفع شعار "اجتثاث البعث" الذي تحوّل منطلقاً لسياسة غبية مورست ضد مناطق بعينها، وأدت الى ظهور تنظيمات إرهابية عجزت عنها القوات الاميركية، التي شكّلت فرقاً من العشائر السنيّة سمّيت "الصحوات" تمكنت من السيطرة على الموقف في مناطق الوسط السني.

مع خروج الاميركيين تغوَّل نوري المالكي في احتكار السلطة فألغى "الصحوات" وتمادى في سياسة الاجتثاث على خلفية بدت كأنها تنطلق من استهدافات مذهبية، ومنذ اعوام لم يهدأ الوضع واستمر الاضطراب الامني الذي انفجر اخيراً مهدداً بحرب مذهبية طاحنة في العراق والمنطقة كلها!
كانت "داعش" فصيلاً ارهابياً محدوداً في الأنبار، ولا يغالي طوني بلير عندما يقول ان "الصحوات" وضعت "داعش" خارج اللعبة، ولكن تقاعس اميركا والغرب عن وقف المذبحة المتمادية في سوريا ادى الى اعادة احيائها وتقويتها، وان ما يجري في العراق مخطط له من داخل سوريا وانه "في كل مرة نصرف النظر عن اتخاذ قرار ما نجبر لاحقاً على اتخاذ اجراء اكثر خطورة"!
هذا الكلام موجّه الى الادارة الاميركية التي ارسلت حاملة طائرات الى المنطقة وتستعد لإجراء مفاوضات مع ايران، التي ارسلت بدورها مقاتلين لدعم الجيش العراقي المنهار، وهو ما يعمّق الخوف من اشتعال الفتنة المذهبية الشاملة بين السنّة والشيعة، وخصوصاً وسط التعامي عن حقيقة ما جرى في الموصل ونينوى!
ذلك ان "داعش"، وفق تقارير بعثة الاتحاد الاوروبي للعلاقات مع العراق، ووفق محافظ الموصل أثيل النجيفي وشيخ عشائر الدليم علي الحاتم، لا تساوي اكثر من ٣٠ في المئة من القوى المسلحة التي انتفضت على حكومة المالكي، والتي تتألف من عشرة تنظيمات هي:
جماعة التوحيد "داعش" - جيش النقشبندية عزت الدوري - كتائب ثورة العشرين حارث الضاري - الجيش الاسلامي ضباط مبعدون - الجبهة الاسلامية الاخوان المسلمون - جيش المجاهدين عشائر ابو جندل الشامي - انصار السنّة ابو عبدالله الحسن بن محمود - انصار الاسلام أكراد نجم الدين فرج الملاّ كريكار - جيش محمد أنصار صدام - جيش سعد بن وقّاص ضباط وعسكريون مجتثّون!
البعثة الاوروبية وشيوخ العشائر يتحدثون عن انتفاضة شعبية ضد المالكي لا عن هجوم ارهابي يقوم به متوحشو "داعش" وحدهم، كما يصوّر المالكي وطهران الوضع لكسب الرأي العام، ورئيس البعثة آسترون استيونسن يقول ان ازاحة المالكي من منصبه وتشكيل حكومة موقتة وطنية وغير مذهبية، ووقف التدخل الايراني الذي حرك ويحرك المالكي، هو الحل الوحيد والضروري، الذي تؤيده قطاعات واسعة بمن فيها قيادات شيعية مهمة في العراق... وإلا ستشعل الفتنة المنطقة!