لا تزال قضية استدعاء قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية للصحفيين ابراهيم الامين وكرمى الخياط ومؤسستي الاخبار والجديد تتفاعل على مختلف المستويات وسط اعتراض شامل على التعرض للحريات الاعلامية , وجاءت قرارات المحكمة الدولية  ضد صحفيين لبنانيين ومؤسسات إعلامية لبنانية لتستفز وتستنفر كافة الجسم الصحافي والاعلامي اللبناني بالاضافة الى الاستياء الكبير الذي عبرت عنه مجموعة كبيرة من الشخصيات الرسمية والسياسية والحزبية .
وتساءلت شخصيات سياسية وإعلامية عدة عن السبب وراء وراء استدعاء صحفيين لبنانيين  ومؤسسات اعلامية لبنانية للتحقيق معهم من قبل المحكمة الدولية في حين ان هناك مؤسسات إعلامية اجنية وعربية أخرى تناولت ملفات وشؤون تمس عمل المحكمة الدولية , كما تساءلت اوساط صحفية عدة عن السبب الذي  جعل المحكمة تندفع نحو استعداء وسائل الاعلام، بهذه الطريقة المجانية والعبثية، بدل النظر اليها كشريكة بهذ القدر أو ذاك في رحلة البحث عن الحقيقة المفترضة، لا سيما أن الجهد الذي يبذله الاعلام يمكن أن يساهم في التصويب أو التنوير وقالت مصادر اخرى : لماذا استفاقت المحكمة على الكلام عن «تحقيرها» و«عرقلة سير العدالة»، بعد مرور وقت طويل على فعل التسريب الذي استندت اليه في ملاحقة الزميلين ومؤسستي «الأخبار» و«الجديد»، ولماذا بدت متسامحة مع شهود الزور المختصين بالتضليل، فيما ضاق صدرها بالشهود الحقيقيين الساعين الى التصويب؟

وفي هذا السياق استغرب منسق الأمانة العامة لـ 14 آذار النائب السابق فارس سعيد قرار المحكمة الدولية بحق «الجديد» »الأخبار»، معتبراً أن «نقطة القوة التي تصب لصالح المؤسستين، هي في الإستنسابية التي تعاطت بها المحكمة مع وسائل الإعلام». ففي حين «اعتبرت المحكمة أن الجديد والأخبار تعرقلان مسار عملها، تجاهلت ما نشرته الصحف العربية والأجنبية». وقال سعيد لـ «الأخبار» إن «مسؤولية المحكمة، تقضي بوضع حد للخلل الحاصل في داخلها، ومحاسبة الجهاز الإداري الذي سرّب معلومات قبل محاسبة الإعلام الذي تعوّدنا أن ينشر أي معلومة مهمّة يحصل عليها كنوع من السبق الصحافي.
أما المحامي رشاد سلامة، فأكد من جهته لـ«السفير» أن النصوص التي استندت اليها المحكمة في إجرائها ضد الاعلام تنطوي على أنواع من الإرهاب والترهيب والقمع والتهويل لا مثيل لها في أي نص قانوني في العالم، معتبراً أن ما جرى يجب أن يشكل فرصة للمطالبة بتعديل نظام المحكمة الذي هو الأسوأ بالمقارنة مع كل الأنظمة القضائية والمحاكم الدولية
.
واستغرب سلامة أن تلاحق المحكمة زميلين إعلاميين بتهمة تسريب أسماء شهود سريين، وتتجاهل في المقابل مسؤولية المدعي العام ومكتبه المعنيين بحماية كل المواد التي تصنّفها المحكمة ضمن قاعدة سرية التحقيق، وبالتالي إذا كان لا بد من مساءلة فهي يجب أن تكون لهما حصراً
من جهتها فقد دعت «السفير» وهيئات عدة الى لقاء تضامني واسع عند الثانية عشرة ظهر اليوم في نقابة الصحافة، دفاعاً عن «الحقيقة المجرّدة»، وتضامناً ليس فقط مع الأمين والخياط وإنما مع فكرة الحرية التي لا تحتمل أنصاف الحلول، ومع الذات أيضاً، لأن كل إعلامي مهدد بأن يكون الهدف التالي لمزاجية المحكمة
.
ومن المتوقع أن يشارك في اللقاء حشد كبير من الإعلاميين والناشطين في مجال حقوق الانسان والسياسيين وشخصيات اجتماعية واقتصادية وثقافية ونقابية، في «رسالة» واضحة الى كل من يهمّه الأمر بأن الحريات في لبنان خط أحمر.
وعشية الوقفة التضامنية مع الحريات، قال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«السفير» إنه يقف الى جانب الحريات الإعلامية وإنه واثق في براءة الأمين والخياط من التهمة الموجهة اليهما، لكنه في الوقت ذاته يدعو الى احترام آلية عمل المحكمة والمثول أمامها، لإثبات هذه البراءة، لأن المحكمة هي كائن شرعي، وقراراتها ملزمة للبنان، ولو انها وُلدت في السياسة.
واعتبر أن من حق الاعلام انتقاد المحكمة متى وجد أن هناك ما يستوجب ذلك، وأشار الى أنه شاهد التقارير التي بثّها «الجديد»، معتبراً أنها تضمنت انتقادات مسؤولة ومشروعة، «ولذا أنا متأكد من أن التحقيق مع «الجديد» و«الأخبار» سينتهي الى براءتهما، والمهم أن يحسنا الدفاع عنها عبر سلوك الطرق القانونية الملحوظة وفق آلية عمل المحكمة، لأن عدم المثول أمامها قد يرتّب تبعات نحن بغنى عنها، من قبيل صدور مذكرات توقيف، وأنا أقدم هذه النصيحة لمصلحة الزميلين والمؤسستين، لأنني أرفض الغوغائية والبطولات الوهمية في مثل هذه المناسبات».
وأوضح أنه لن يشارك شخصيا في اللقاء التضامني اليوم مع الحريات الاعلامية لأنه مرتبط بمواعيد أخرى، «لكنني كتبت رسالة ستتلى خلال اللقاء، أؤكد فيها أنه مهماً كانت آراؤنا، نحن نتفق على قدسية الحرية في لبنان، شرط أن تكون مسؤولة.