لا ينفك سماحة الأمين العام لحزب الله ومنذ إعلانه الصريح عن إقحام حزبه في متون الحرب السورية إلى جانب النظام وهو يبذل مع كل إطلالة له جهودا كبيرة جدا كمحاولات لإيجاد التبريرات لهذه الخطوة الكبيرة والتاريخية ، لما يعلمه علم اليقين هو وقيادة الحزب ما تحمله من اثقال عظيمة، وتبعات لن تقتصر تردداتها السلبية على الشيعة اللبنانيين في أيامنا هذه فقط بل وإن هذه الترددات ستمتد إلى القادم من السنين حتما.

وهنا لا بد من الاشارة الى أن كل محاولات الإقناع والتبرير التي نتحدث عنها، لم يكن المقصود بها مقاتلي الحزب ولا الدائرة الضيقة من أنصاره المؤمنين بفكرة ولاية الفقيه ، لأن هؤلاء وكما قال هو في إحدى خطبه لا يحتاجون " لأكثر من كلمتين " .

وانما الجهد يُصب على السواد الأعظم من جمهور هذا الحزب الذين يجهلون حقيقة مشروعه العقائدي، وجلّ هؤلاء هم من الآباء والأمهات ، هذا فضلا عن جمهور باقي الحلفاء .

فقد اعتمد سماحة السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بمناسبة افتتاح منتدى جبل عامل للثقافة والأدب الى تسجيل صوتي جرى تسريبه على موقع " يوتيوب " قيل انه اجتماع مسؤولين أتراك رفيعي المستوى، وفي هذا التسجيل صوت قيل إنه لمدير المخابرات التركي حقان فيدان وهو يشرح احتمال قيام عمليات عسكرية مع وزير الخارجية التركي داوود أوغلو ومسؤولين كبار ، وفي هذا التسجيل المبهم مقطع يركز على عملية محتملة لتأمين ضريح سليمان شاه جد مؤسس الأمبراطورية العثمانية !

وهنا وقع سماحة السيد بالمغالطة عندما شبه ذلك بتدخله هو وحزبه تحت مبرر حماية مقام السيدة زينب (ع ) ، مغالطة تذكرنا بتلك التي وقع بها عندما استشهد في إحدى خطاباته برسالة قال يومها إن وزير الخارجية الأمركي هنري كيسنجر كان بعثها إلى الزعيم اللبناني ريمون إدّه ، ليتبين لاحقا أن لا أصل حقيقي لهكذا رسالة وان هي الا رسالة خيالية من نسج الصحافي سليم نصار كان كتبها هو في مجلة الحوادث سنة 1976، ونفت جريدة النهار ان تكون قد نشرت أي رسالة من هذا النوع كما جاء بنفس بالخطاب ، وهنا أيضا ، فلو سلمنا جدلا بأن التسجيل الصوتي المسرب هو صحيح ، فكان ينبغي على مستشاري السيد ان يلفتوا نظره وإعلامه أن ضريح سليمان شاه هذا ( مش صعب الاسم ) مع كامل مساحة الارض المحيطة به والبالغة 8 آلاف متر مربع هي تعتبر أراضٍ تركية ذات سيادة بموجب اتفاقية موقعة سنة 1921، وبناءا على هذه الاتفاقية فإن جنود القوات الخاصة التركية هي التي تحرس الضريح باستمرار.

لذا فإنه لا تصح مطلقا أية مقارنة بين العمليتين، وبالتالي فإن وجه التشبيه بين ضريح سليمان شاه وما يمثله للأتراك ليس فقط بحيثيته المعنوية أو الروحية بل كجزء من السيادة التركية ومقام السيدة زينب (ع) لا مسوغ قانوني له ، ومن هنا فان ما يمكن أن يصح " للباء " التركية بناءاً على معطى قانوني لا يمكن أن يصح "لباء" حزب الله التي لا محل لها من الاعراب في عالم الاتفاقات الدولية ، هذا فضلا عن كون حزب الله هو مجرد فصيل لبناني ولا يمثل بقرار دخوله الحرب في سوريا توجه الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني .