ان كل الظروف والمعطيات التي كانت قد سبقت موعد انعقاد مؤتمر جينيف2 كانت لتوحي باستحالة المشاركة من قبل نظام الأسد ، لو كان هذا النظام يتمتع بالحد الأدنى من عوامل القوة التي يدّعيها ، ولو ان حالة الاهتراء والوهن والضعف التي انما تنذر ببداية مرحلة السقوط الكبير لم يتلمسها هذا النظام لما كان اقدم مرغما على هذه المشاركة والتي كان يكفي ما جاء بنص الدعوة التي وجهت للوفود المشاركة بان تكون سبب كاف للامتناع عن حضوره ، لما تضمنه هذا النص من إقرار مسبق بالموافقة على ما كان قد اتفق عليه في جينيف1 والقاضي بتشكيل حكومة انتقالية تتمتع بكامل صلاحيات الحكم ، مما يعني وبشكل واضح الإقرار المسبق بنهاية نظام آل الأسد ، هذا فضلا عن سبب اخر لا يقل أهمية ، هو الصفعة المدوية التي تلقتها ايران حليفة النظام الأول عبر سحب الدعوة التي كانت قد وجهت لها لحضور هذا المؤتمر ، والتي كان قد هدد على اثره وفد المعارضة السورية وخلفه السعودية من الامتناع عن الحضور مما يعني نسف كلي لهذا المؤتمر في حال حضور ايران ، مما اجبر الراعي الأميركي والروسي للإسراع باتخاذ خطوة غير مسبوقة بسحب تلك الدعوة ، هذا الموقف الذي لم يجرؤ نظام بشار لمجاراته ولو شكليا بهدف إعادة الاعتبار بردة فعل يفرضها على الأقل الوفاء التحالفي ، مما اثار لدى المراقبين تساؤلات ضخمة حول مدى تأثر التحالف الاستراتيجي ( الإيراني – السوري ) ومدى استمرار صلابته التاريخية خاصة بعد التقارب الأميركي – الإيراني ، اضف الى ما تقدم ، رضوخ هذا النظام للقبول باشراك الدول التي ما برح يعتبرها رأس حربة في " المؤامرة الكونية " عليه وياتي بمقدمة هذه الدول المملكة العربية السعودية وتركيا، والتي وان حاول وليد المعلم تجاهل وجودها على الطاولة بأسلوب اقرب الى " الولدنة الدبلوماسية " ، فلا معنى لخروج الوفد من القاعة مع بدء سعود الفيصل كلمته وهو القادم من دمشق ويعرف مسبقا أسماء الوفود المشاركة ! فكل هذا الضعف والخواء حاول وليد المعلم اخفاءه عبر " دبلوماسية التشبيح " ان من خلال التوجه مباشرة لمخاطبة " السيد كيري " بعبارات توحي بثقة موهومة (لم يعد لها أي وجود منذ لحظة اعلان وليد المعلم نفسه الموافقة صاغرا على تسليم الكيماوي) ، او من خلال تعمد " انتصار " عدم التزامه بالوقت المخصص له ! والمضحك اكثر من ذلك هو اثارته لاحاديث جانبية مع بقية أعضاء وفده عند القاء احمد الجربا لكلمته ، في الختام لقد بدا واضحا على وليد المعلم وكامل وفده وكأنهم في المكان الذي لا يشبههم ولا يرغبون بالحضوراليه لو لم يكونوا مرغمون على ذلك ، مما يعني بان أولى النتائج الإيجابية التي فرضتها التضحيات العظيمة للثورة السورية هي نهاية مرحلة " دبلوماسية التشبيح " .