فرض الكونغرس الأمريكي رزمة من العقوبات الجديدة على ايران, رغم مناشدة رئيس البيت الأبيض ومطالبته بعدم اتخاذ أي موقف عقوبي من شأنه أن يعطل حركة اتفاق جنيف ,وأن يُسهم في خلق أجواء مؤثرة ,تُتيح لايران فرصة اعادة النظر في موضوع لطالما اعتبرته أولوية مرتبطة بالأمن القومي الايراني, وبدورها الريادي في عالم لا يحكمه الاَ الأقوياء . اذا ما أردنا وضع قرار الكونغرس المُعاقب لايران في اطار التوصيف القانوني تبدو اجراءات الكونغرس منسجمة مع طبيعة النظم الديمقراطية, ومنطق فصل السلطات, وحق الجهة الدستورية المستقلة في مُخالفة الادارة السياسية في موضوعات وعناوين لها فيها وجهات نظر مختلفة تماماً مع وجهة نظرها . واذا أردنا أن نضع قرار الكونغرس في خانة التوظيف السياسي فان مؤشر الخلاف بين الرئيس والكونغرس مرتفع جداً, خاصة وأن الرزمة الجديدة من العقوبات جاءت بعد الاتفاق الذي تضمن تحرير ايران من قيود العقوبات , وبعد مطالبة الرئيس للكونغرس بعدم المُعاقبة افساحاً في المجال وتسهيلاً لعمل الآليات المُنفذة لاتفاق ايران والدول المعنية بالملف النووي الايراني . ويبرز في صورة التوظيف السياسي أيضاً الجهد الاسرائيلي المنزعج من اتفاق جنيف الى حدَ المخاصمة لرئيس أمريكي ارتكز على خيار السلم بدلاً من الحرب لدولة "جادة" في كبَ اسرائيل ببحر العرب , وتحولت الى اسفنجة قادرة على امتاص أي عرقلة سياسية كانت أم اقتصادية ومن أي جهة أتت . لذا سيتجاوز المعنيون في البلدين العوامل المؤخرة لتنفيذ الاتفاق لأن مصلحة الطرفين تقتضي ذلك . لقد باعت ايران ملفاً كبيراً ولكن بمحتوى متواضع جهة قررت عدم الدخول في حروب من جهة ,والاصطياد السياسي من جهة ثانية, فأبدت تجاوباً ملحوظاً مع ايران الموقعة على علاقة مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية تحصيلاً لصلة ندية, وغير ذيلية, وحفظاً لمكتسبات ايرانية في الدولة وخارجها . ربما هناك قدر كبير من التفاؤل الأمريكي والايراني بالعلاقة المؤسسة على التخصيب لليورانيوم وهو قيد التجربة في الفعل, والنية ,وبناءًا عليهما يمكن التخفيف من نسب الحفاوة المُفرطة من قبل القيادتين الأمريكية والايرانية ,وبذلك تنجح الجهود الاقليمية, والدولية المبذولة كعراقيل في وجه الاتفاق تحسُساً منها لخطر ايراني مداهم لمناطق تعجَ بالمصالح الدسمة في السياسة والمال والأمن . لقد دفع قرار الكونغرس المعاقب لايران اقتصادياً بالخائفين من التناغم الايراني الأمريكي الى الاستمرار في مقاومة اتفاق جنيف وبوسائل متعددة عبَر عن بعضها الخليجيون في الذهاب بعيداُ نحو الاتحاد ضدَ ايران  ونحو استدراج عروض أفضل لموسكو في منطقة لا تملك فيها موقع قدم . وعبرت اسرائيل عن عدم اهتمامها باتفاق جنيف ,وأثارت حوله الكثير من ضجيج الأمن الخاص باسرائيل ,الأمر الذي دفع بالرئيس الأمريكي, ووزير خارجيته, الى طمأنة الاسرائيليين بأمنهم المحفوظ من قبل ايران, وبواسطة الاتفاق كما أشار كيري .