في شهر الميلاد، شهر المحبة والتضحية، والشهر الذي من المفترض أن تدفن فيه الحرب ويمحى البغض، ما زالت حرب النظام السوري ضد شعبه مستعرة، وهو النظام الذي لا يقيم وزنا لأي حرمة أو مقدس. لم يتغير شيء على سورية، في هذا الشهر منذ ثلاث سنوات، سوى أن راهبات دير مار تقلا في معلولا، أصبحوا خارج الدير بفعل قصف النظام للأماكن المقدسة، وأصبحوا مشردين كسائر أبناء الشعب السوري الذين شردهم الإجرام نفسه. لا يضير الراهبات ورجال الدين وخصوصا رسل المسيح الذي افتدى البشر وحمل عذاباتهم ليخلصهم، أن يماهي مصيرهم مصير أبنائهم بوجه آلة القهر والظلم. إنما العار على من يدعي الجهاد باسم الله ويرتكب باسمه ما لا يتحمله، وهذا ما تبيّن في فيديو مسرّب يظهر عناصر في حزب الله يتلقون أوامر من قادتهم بقصف كنيسة دير ما تقلا، ومئذنة أحد الجوامع بالريف الدمشقي، ومن ثم اتهام المعارضين في قصفها، والإدعاء أن الحزب الالهي يحمي المقدسات، وكأن المقدسات غدت حجرا لا بشر، في سابقة إجرامية وإرهابية تدفن كل المبادئ الانسانية. المثير للإشمئزاز، هو توظيف بعض منتفعي السلطة في لبنان من وجود نظام آل الأسد في سورية لصالحهم على حساب أي قيمة، اذ داس جشعهم على كل المحرمات. ومن بين هذه المحرمات، هي الحملة المسعورة التي تقودها حفنة نفعيين، تعمي الكراسي والدنانير عيونهم، تحت شعار حماية الأقليات والدفاع عن المسيحيين في الشرق، هذا اللامنطق المنتقص من قيمة المسيحيين، كونهم مكون أساس في هذا الشرق يذكرنا بنظريات غابرة أيام الإنعزالية، والسبب نفسه هو دفاعهم المستميت عن مصالحهم والدوس على كراماتهم لحساب أهوائهم، فيما جعجع ابدى احترامه لحرية الشعب العربي في تماه واضح مع محيطه. كثيرة هي السهام التي تصوب على الحكيم سمير جعجع، وتظهره مفرط بحقوق أبناء دينه، ولكن بمعزل عن هذه الحملة المسعورة، هل كان المسيح نفسه ليقبل بما يفعله النظام وأذنابه بالشعب السوري؟ هل كان المسيح ليقبل بذبح الأطفال، وحرقهم؟ هل كان يقبل بهذا التشريد الذي يتعرض له الأبرياء؟. فخر سمير جعجع أنه صادق مع نفسه كما مع شعبه ومناصريه، وقداسة سمير جعجع تترسخ في تضحيته ١١ عشر عاما دفاعا عن مبادئه، فهل هكذا قائد من الممكن ان يساوم أو يفرط بحقوق؟ كان المسيح منبوذا بين أهله، فيما مقبولا من الآخرين، ولكن ما لبث أن آمن به العالم أجمع، وسمير جعجع اليوم منبوذ لدى فئة بسيطة، لكنه بالتأكيد سيظفر يوما ما، وسيتبين أنه رسول سلام، وتلميذ المسيح النجيب.