كتب منير الربيع في "المدن": بعد العقوبات على جبران باسيل، لا بد من توجيه الأنظار لبنانياً إلى موضوعين أساسيين: تشكيل الحكومة، في مساره ومآلاته. وترسيم الحدود. هل تستمر أم تتعرقل؟

 

العقوبات والانتقام الباسيلي

الصريح في كلام باسيل هو تحميله سعد الحريري مسؤولية إسقاطه عنه الحصانة الديبلوماسية التي كان يتمتع بها عندما كان وزيراً للخارجية. فباسيل قال إن الحريري "نصح (ه)، مع تشكيل حكومته الثانية، بأن يكون وزيراً للخارجية، كي يتمتع بحصانة ديبلوماسية تجنّبه العقوبات، فوافق". وأكمل باسيل قائلاً ما معناه حرفياً تقريباً: "بعد استقالته تشدد الحريري برفض مشاركة باسيل في أي حكومة، ليصبح عرضة للعقوبات، ما لم يقدّم تنازلات سياسية قاسية".

 

تحميل باسيل الحريري مسؤولية فرض العقوبات عليه، سيدفعه إلى البحث عن فرص للانتقام منه. وهو انتقام لم يعد متاحاً كالسابق.


 
 

ولكن العقوبات قد تساعد عون وباسيل في تصاعد دعم حزب الله أكثر فأكثر لهما. وبما أن واشنطن تضع فيتو واضحاً على مشاركة حزب الله في الحكومة، لن يكون من اليسير على الحريري تشكيل حكومة مع الحزب وتجّنب العقوبات. وهناك معلومات سياسية عن تبلغ المسؤولين السياسيين اللبنانيين بوجود لوائح جديدة للعقوبات، تطال شخصيات من القوى السياسية المختلفة، بما فيها شخصيات في تيار المستقبل على اللائحة السوداء. أما قرار إصدار هذه العقوبات فيرتبط بظرف سياسي ولحظة سياسية. لذا تظل هذه التهديدات سيفاً مسلطاً على أي طرف سياسي في لبنان.

 

ومن أسباب باسيل لعرقلة تشكيل الحكومة والسقف الذي رفعه، إعلانه صراحة عن اعتماد وحدة المعايير في التشكيل، والتمسك بحكومة موسعة. وهذا يعني إسقاط حكومة الـ 18، ومبدأ المداورة، باستثناء وزارة واحدة. أي العودة إلى نقطة الصفر في مفاوضات التشكيل.

 

أما حزب الله فيعتبر أن رئيس الجمهورية وحده يمتلك مفاتيح التوقيع على مراسيم الحكومة. وتشير معلومات إلى أن عون لم يحسم قراره حتى الآن: أيصعِّد مواقفه، أم يعتمد التسهيل؟ لكن كلام باسيل الذي غلفه بنزعة التسهيل لا يوحي بذلك، ويؤكد بأن العقد ستكون كثيرة والعقبات كبيرة.

 

الترسيم بين عون ونصرالله

الملف الثاني والذي سيكون على المحكّ أيضاً، هو ملف ترسيم الحدود. وجلسة المفاوضات المقبلة يوم الأربعاء المقبل، ستحدد مصيرها، وما إذا كانت ستستمر بشكل بناء، أم أن العقوبات على باسيل ستؤدي إلى تشبث رئيس الجمهورية بمطالبة لبنان بمساحة أكثر من ألفي كيلومتر. أي الخروج عن المساحة المحددة أميركياً، وهي 860 كيلومتر. وهذا يعرقل المفاوضات، فلا يتحقق أي تقدم. ولا بد من الإشارة إلى أن جلسة المفاوضات تتزامن مع موقف سيطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ليحدد ملامح المرحلة المقبلة.

 

وتشير التطورات إلى صعوبات كثيرة محدقة بلبنان، إنطلاقاً من نتائج الانتخابات الأميركية، وخسارة دونالد ترامب. فهناك المزيد من الضغوط والعقوبات الاميركية.

 

عملية إسرائيلية؟

وسيكون الشهر المقبل شهر الفصل في ملف الاحتياطي المالي لدى مصرف لبنان. ما يعني المزيد من الانهيار المالي والاقتصادي وارتفاع بسعر صرف الدولار. وهذا لا يمكن فصله، في حال تعرقلت مفاوضات ترسيم الحدود، عن احتمال لجوء إسرائيل إلى انتهاز الأسابيع القليلة المتبقية لدونالد ترامب في البيت الأبيض، لتنفيذ عملية عسكرية أو أمنية في لبنان: استهداف مواقع عسكرية لحزب الله أو أية شخصية قيادية فيه.

 

وهذه احتمالات واردة في حسابات القوى السياسية، محلياً وخارجياً، ولا بد من ترقبها ومراقبتها.