بعيد التفجيرين الارهابيين الذين استهدفا السفارة الايرانية خرج جهابذة في حقول الإعلام والسياسة بنسج سيناريوهات وتحليلات بوليسية من محض خيالهم وأهواء سياسات يتبعونها، وبدأت تساق الإتهامات من قبل حزب الله وحلفائه بحق المملكة العربية السعودية وتتهمها بالوقوف وراء العمل الإرهابي المدان. منذ اللحظة الأولى كان الارتباك واضحا في تشخيص حزب الله للجريمة، فالحاج محمود قماطي عضو المكتب السياسي للحزب اعتبر أن هذا العمل أتى نتيجة قتال الحزب في سورية، ودعا الجهة المنفذة الى الرد عليه في سورية وليس في لبنان، اما النائب علي فياض فاعتبر أنه من المبكر الحديث عن المتهم، وبعض قادة الحزب الآخرين اتهموا العدو الإسرائيلي، كذلك فعل السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن أبادي. وسائل الإعلام التابعة للحزب شنت حملات دعائية على المملكة العربية السعودية والأمير بند بن سلطان وصلت الى حد التهديد المباشر. الثغرات واضحة في خطاب الحزب واتهاماته، ولا شك أنه أراد استثمار ما جرى بما يخدم وجهة نظره بوجوب قتال التكفيريين وبدأ شحذ الهمم بخطاب يثير العصب المذهبي، كبح جماح هذه الهجمة لم تأت من غريب بل أتت من معاون وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي أكد أن المملكة العربية السعودية دولة جارة ولا يمكن أن ترتكب هكذا أفعال، وأردف أن المملكة تتمتع بوجهة نظر ايجابية وأن هناك آفاق رحبة في التعاون بين ايران والمملكة. هذا الموقف لعبد اللهيان بالتأكيد حمل تبعات على موقف وخطاب حزب الله. ستظهر في سياق المقال. بعيد وقوع الجريمة أعلنت كتائب عبدالله عزام على حساب شيخ يدعى سراج الدين زريقات وهو من الطريق الجديد، يشار الى أن هذه الكتائب كانت دوما تتبنى العمليات التي تنفذها إما عبر بيان بالصوت والصورة أو بيان موقع ومختوم باسمها، وبعدها تبين أن حساب زريقات على موقع تويتر فتح قبل كتابته التبني بساعة واحدة، ليعاد الحساب ويقفل، وهذا ما أعاد الى الأذهان فبركة شريط أبو عدس، بعد افتضاح الموضوع سرّبت معلومات عن ان الارهابيين ليسا لبنانيين وقد قدما من خارج لبنان ولهجتهما من إحدى دول المشرق العربي هذا ما أعلنته معظم وسائل الإعلام وخصوصا قناة المنار، ترافقت هذه التسريبات مع معلومات مسربة أيضا أنه تم العثور على هويتي الإنتحاريين الذين فجرا نفسيهما أمام مبنى السفارة الأيرانية، وبثت قناة الأو تي في صور الهويتين اللتين تعودان لكل من محمد قحف من الطريق الجديدة وعيسى الغاوي الأصل من برجا ويقطن في الطريق الجديدة. بعدما بثت القناة صور الهويات المزورة لم تذكر أنها مزورة بل جزمت بأن قحف والغاوي هما الإنتحاريين، ولكن ما لبث أن أطل الإنتحاري الحي لينفى خبر تفجير نفسه، وقال أنه خضع للتحقيق لدى مخابرات الجيش وتبين أنه بريء من أي تهمة، وذكر أنه تلقى وعدا بعدم الكشف عن اسمه ولا عن هويته، ولكن بعد التحقيق بساعات شاهد ما بثته الأوتي في. فمن يتحمل مسؤولية تسريب هوية عيسى ومحمد وهدر دمهما؟ ولخدمة من كان هذا التسريب؟ بعد افتضاح فبركة قضية عيسى ومحمد، أتحفنا أمس بتسريبات جديدة تقول بأن الإنتحاريين هما لبنانيين نسبة لمصادر أمنية على عكس ما كانت عليه التسريبات الأولى بأنهما غير لبنانيين، وأشارت التسريبات الى أن أحد الانتحاريين يدعى معين أبو ضهر من صيدا ومن موالي الشيخ أحمد الأسير والثاني يدعى عمر صبحة من عكار.. كل هذا ما زال في إطار التسريبات والأجهزة المعنية لم تصدر أي توضيح أو إعلان. بعيد التفجير عمم الجيش اللبناني صورة قال إنها لمطلوب خطير دون أن يذكر إذا ما كان متهم بتفجيري السفارة، بعدها ورد خبر بأن المطلوب من بريتال وقد سلمه أهالي بريتال الى مخابرات الجيش، ولكن فيما بعض ورد بأن الرسم يعود الى أحد المتهمين بتفجير السفارة. بعد كل ما تقدم يظهر جليا أن هناك جهة ما تحاول توظيف الكارثة الارهابية في زواريب مصالحها السياسية الضيقة، غير آبهة لدماء وأرواح الأبرياء، كل هذا جرى الى الآن ولم يصدر أي بيان عن مديرية التوجيه في الجيش اللبناني حول معين أبو ضهر، فلماذا كل هذه التسريبات وفي خدمة من تصب؟ خصوصا أنها تنسب لمصادر عسكرية وتناقض غيرها من تسريبات أيضا تنسب لمصادر عسكرية، لماذا هذا التأخير في الإعلان والتوضيح؟ ناهيك عن كل هذه الثغرات، لا يمكننا إغفال أن هناك لغز ما في مسرح الجريمة، وهو موضوع شاحنة المياه والسائق الذي أعلن أنه كان بداخلها لحظة وقوع التفجيرين والسيارة رباعية الدفع انفجرت وهي تبعد عنه مسافة ٤ أمتار على حد قوله لكنه لم يصب بأي أذى ولا حتى الشاحنة لحقها أي شظية، حزب الله أعلن فشل العملية وأن هذه الشاحنة هي من أفشلتها، حسننا ولكن لماذا لم تصب الشاحنة بأي أذى. وبالعودة الى موضوع التراجع عن اتهام المملكة العربية السعودية وتسريب أن الانتحاريين هما لبنانيان، فإن ذلك يعود بالتأكيد الى أوامر ايرانية وجهت الى حزب الله بعدم التهجم على المملكة وذلك لضرورات ومصالح ايرانية مع المملكة، ما يوضحه كلام عبد اللهيان، وبالطبع نفذ الحزب الأوامر وساق اتهامات جديدة بحق أشخاص مجرد اتهامهم وذكر اسمائهم وانتماهم يكون كفيلا بتبريره فتح جبهات القتال في سورية لمحاربة التكفيريين. بالتأكيد هناك جريمة قبيحة وقعت، وفي السياق المنطقي للأمور فقد أتت كرد فعل من جهة ربما يرتكب حزب الله أفظع الجرائم بحقها، والعملان غير مبررين ولكن حرف الأمور عن سياقها الطبيعي يذهب بدم الأبرياء هدرا، فرحم الله الشهداء، وحمى الأحياء من اتهامات معلبة، تظهر وفق غب طلب حزب الله ومصلحته السياسية، على حساب كل المقدسات.