ما زال الإرهاب يعصف بجسد لبنان النحيل الذي أتعبته الصراعات الداخلية وأدمته الصراعات الإقليمية، وما زال لبنان صندوق بريدٍ متفحّم يتلقى رسائل العنف والإرهاب الواحدة تلو الأخرى، ويدفع أرواح الأبرياء ثمناً لعبث العابثين بملاعب الموت خارج حدوده.

حيث دوّى صبيحة اليوم إنفجاران في محيط السفارة الإيرانية في بئر حسن في بيروت، وأسفرا عن سقوط 23 شهيداً و146 جريحاً، كما أعلنت وزارة الصحة، وتضررت عشرات المباني والسيارات في المكان. ونفذً المخططون عملية مزدوجة لايقاع أكبر عددٍ من القتلى. بحيث اقتحمت دراجة نارية مفخخة بوابة السفارة الايرانية، وبعد دقائق قليلة وعلى بعد 20 متراً تقريباً انفجرت سيارة في المكان عينه.

وأعلن سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية "غضنفر ركن أبادي" استشهاد المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية "الشيخ ابراهيم الأنصاري"، في الإنفجار. بينما أفادت معلومات طبية لاحقة عن أن الأنصاري ما زال حياً ولكنه بحالة حرجة. وصرّحت الخارجية الإيرانية بأن أيادٍ مأجورة لإسرائيل نفذت تفجيري بئر حسن.

هذا وأفادت معلومات صحفية عن إصابة السفير اليمني في لبنان بجروح طفيفة إثر الانفجارين أمام السفارة الإيرانية في منطقة بئر حسن.

ورجحت المعلومات الاولية أن يكون الانفجار الاول ناجما عن انتحاري يسير على قدميه والثاني عن انتحاري آخر يقود سيارة من نوع رابيد. ووقع الإنفجار بفارق زمني لا يتجاوز الدقيقة ونصف. وقدرت زنة العبوة بأكثر من 100 كلغ.

وتدخلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة وفرضت طوقا أمنياً حول المحلة المستهدفة، كما حضرت وحدة من الأدلة الجنائية التابعة للشرطة العسكرية وعدد من الخبراء المختصين الذين باشروا الكشف على موقع الإنفجارين لتحديد نوعيهما وظروف حصولهما، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وتوجه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إلى مكان اﻹنفجارين لمتابعة التحقيقات.وكلّف مديرية المخابرات في الجيش والشرطة العسكرية والأدلة الجنائية بإجراء التحقيقات الأولية ومسح الأضرار وكشف ملابسات الإنفجارين.

وأعلنت وكالة "رويترز" أن كتائب عبدالله عزام المرتبطة بالقاعدة تبنّت تفجيري الجناح. وأعلن قيادي في القاعدة بأن "غزو السفارة الإيرانية في بيروت عملية استشهادية مزدوجة لبطلين من أبطال السنة في لبنان". وأكدت كتائب "عزام" على عدم توقيف عملياتها الإرهابية في لبنان قبل انسحاب إيران وحزب الله من سوريا.

ولا شك بأننا نستطيع قراءة حروف هذه الرسالة الدموية بوضوح، فهي رسالة موجّهة إلى إيران وتحمل في طياتها كلمات التهديد والوعيد، رداً على تدخل حزب الله في الحرب السورية. فالمرسل هو القاعدة، والمرسل إليه إيران، والهدف انسحاب حزب الله من سوريا، والضحية لبنان..