معظم داخليها من غير قاطنيها يدخلونها سيرا على الأقدام اذ يتجنبون دخولها بسياراتهم فهم يصفونها ببؤرة أمنية في وسط بيروت يفضل الدخول اليها ترجلا تجنبا لمضايقات الشبان فيها، هذا الجواب تحصل عليه عندما تسأل أي شخص يقطن بجوار منطقة الخندق الغميق، منطقة عندما تلفظ اسمها ينتابك شيئ من الرهبة لما تسمعه عنها، والمعروف أن غير الزائر اضطراريا لها لا يدخلها. من تقاطع بشارة الخوري دخلنا الى الخندق الغميق، في الشكل هي منطقة ككل المناطق اللبنانية وخاصة كجميع الأحياء الشعبية في بيروت، زحمة ناس، محال تجارية، بائعو خضار على العربات، وأسلاك كهربائية تحيك سماء المنطقة بطريقة عشوائية. بناءا على نصيحة صديق رافقنا بزيارة المنطقة، ركنّا السيارة عند أول الشارع وترجلنا. الأعلام والصور المرفوعة، تعرف عن هوية المنطقة السياسية، أعلام حزب الله وصور السيد حسن نصرالله كما صور القتلى الذين سقطوا مؤخرا في سورية، تغطي جدران الشوارع وترتفع على أسطح المباني، شبان يتمركزون عند كل زاوية، يراقبون كل حركة. الى جانب حزب الله لا تغيب الأعلام والشعارات العائدة لحركة أمل والتي تؤكد الوحود الفاعل للحركة وعناصرها في المنطقة، تبدو المنطقة وكأنها جزيرة أمنية خصوصا لما تسمعه من بعض السكان الذين استطعنا التحدث اليهم، (مالك ح) وهو في العقد الرابع من العمر يبدي امتعاضه ل"جنوبية" من الحال في تلك المنطقة:" ما فيك تقعد على البلكون، الشباب بيضلو تحت البيوت، بيطلعوا على النساء، ما بتحس حالك مرتاح، والناس بتخاف تجي لعنا، لأن الشباب مزعجين، وبالليل ما فينا نام، بيضلوا سهرانين وعاملين تناوب وصوتهم عالي." وعند سؤال مالك عن مدى وجود الدولة، وأجهزتها الأمنية، يسخر مجاوبا بحسرة:" أي دولة؟!! ما حدا بيسترجي يفوت لهون، المنطقة فيها مئات المطلوبين للدولة ومن أصحاب السوابق ليش ما بتجي الدولة تاخدن؟ شو بيمنعها؟ هون ما في مقاومة." ويضيف أنه أقصى ما حصل نادرا هو مرور دورية للقوى الأمنية مرور الكرام دون فعل أي شيء. كلام مالك هو لسان حال العديد من أبناء المنطقة الذين يبدون انزعاجهم من مراقبة العناصر لهم (فاطمة م) تقول لجنوبية إن الشباب غير مسلحين بالظاهر ولكن سلاحهم موجود في أحد المحال التجارية، وهذا الواقع يخيف السكان:" ما منحس بأمان المنطقة كلها مطلوبين والدولة ما إلها وجود، منحس حالنا معزولين، معظم الشباب بيتعاطوا حبوب ومخدرات، وبيضلوا منتشرين بحجة حماية أهل المنطقة، بس هني ما بيحمونا، بيزعجونا وبيلطشوا البنات." لا نرى الدولة إلا في الحلم، هكذا بدأ أحمد وهو أب لشاب وفتاتين حديثه ل"جنوبية" وأضاف:" بروح على الشغل وبضل خايف وبالي مشغول على أولادي، بيلطشوا البنات وبيعملوا مشاكل وما حدا بيسألهم شي." وتوجه الى جميع المعنيين بضرورة مكافحة هذه الظاهرة ليستطيعوا العيش بأمان. في بيروت أيضا وتحديدا بالقرب من شارع مار الياس، جزيرة أمنية أخرى، إنها منطقة حي اللجا، تدخل المنطقة من جهة مار الياس وتحديدا في المدخل المقابل لمحلات كلاس تستقبلك صورة عملاقة لرئيس مجلس النواب نبيه بري تعتلي براميل حديدية زرعت بداخلها أعلام حركة أمل وتتجمهر حولها عناصر الحركة، يراقبون الداخل والخارج الى الحي. ليدا ابنة المنطقة حي اللجا تؤكد أن شباب حركة أمل وحزب الله يجلسون على جوانب الطرقات في المنطقة ويتصرفون كأنهم عناصر الأجهزة الأمنية الشرعية :" يفتشون الداخل والخارج ويسألونه الى أين يذهب ويطلبوا منه هويته، الشباب يعرفون عن السكان كل التفاصيل وحتى الدقيقة." ( دانا ج) أشرات ل"جنوبية" أن هؤلاء الشباب مزعجون جدا سواء بالطريقة التي ينتشرون فيها وينظرون فيها للمارة أو بطريقة تعاطيهم مع السكان :" بيطلعوا فيك بالمقلوب، اذا ما عجبن شكلك بيقفوك وبيفتشوك وبضايقوك، وأوقات بيضربوك." بالقرب من مسجد الفتوة التابع للشيخ رجب ديب وهو سوري الجنسية ومعارض للنظام منذ سنين استحدث عناصر الحركة على مدخله نقطة أمنية مغطاة بفان لبيع القهوة والنيسكافة ويتمركزون بالقرب منه لمراقبة المسجد. يجلسون يراقبون ويجبرون الناس على متابعة نشرات الأخبار والبرامج التي يريدون اذ يضعون التلفاز وسط الطريق وصوته يلعلع في أرجاء المنطقة كافة. أيضا وباسم الأمن وضعت على الجدران أوراق تطلب من السكان التعريف عن هوياتهم وأماكن سكنهم بالتفصيل موقعة باسم لجنة الأهالي في حركة أمل. هي مناطق عاصية على الدولة، باسم المقاومة أو بغطاء منها، البعض يرى في هذا الواقع تمدد حزب الله في بيروت تحسبا لأي عمل ينوي القيام به على غرار ٧ أيار، الخندق الغميق وحي اللجا، نموذجان جديدا على مظاهر تحلل الدولة أمام حزب الله الذي ليس فقط يسيطر على المنطقتين بل يحمي داخلهما العديد من المطلوبين في جرائم قتل واغتصاب وتعاطي مخدرات ناهيك عن السيارات والدراجات النارية المخالفة.