في 11 أيلول 2001 دخلت الولايات المتحدة الأمريكية صراعات الشرق الأوسط وتفاصيلها عبر احتلال العراق، وفي 11 أيلول 2013 تبدو واشنطن مترددة متوجسة من أي مشاركة في الصراع السوري رغم تأكيدها على اجتياز دمشق الخط الأحمر، فهل خرج النظام السوري من مأزق الكيميائي بأقل أضرار ممكنة، أم أن ما يجري هو بداية عملية متواصلة بدءاً بتغيير ميزان القوى وصولاً إلى إسقاط النظام، وهل يمكن تفسير التردد الأمريكي بأنه رغبة منه بإطالة الصراع لاستنزاف حزب الله وجبهة النصرة، ولتكون الأرض السورية أرضاً لصراع الأشرار بعيداً عن العالم الديمقراطي، وبعيداً عن المس بأمن اسرائيل الرابح الأكبر باستمرار الأزمة، وماذا عن المبادرة الروسية، هل أتت لتنقذ الأسد أم لتنقذ أوباما، وكيف ستدور رحى المعركة من بعدها..؟؟

قامت الإعلامية بولا يعقوبيان بتقليب هذه المسألة من كافة وجوهها، من خلال استضافة مجموعة من المحللين السياسيين، من لبنان وموسكو وواشنطن وإيران وجدة.

فرأى المحلل السياسي موفق حرب بأن هناك تبدّل بالسياسة الأمريكية ولكن لم يخرج النظام بعد من دائرة الخطر، ولعلّ الأخطر على النظام ليس بتوجيه ضربة عسكرية بل هو بقرار يدينه في مجلس الأمن الدولي، والقيادة العسكرية الأمريكية غير متحمسة للضربة لعدم وضوح أهدافها، وأمريكا بمجرّد التلويح بضربة عسكرية، انتقلنا في سوريا من نظام لا يمتلك أسلحة كيميائية إلى الإعتراف بامتلاكها والقبول بتسليمها، ولفت حرب إلى أن ثمن عدم التدخل في سورية سيكون مكلف أكثر لأمريكا واسرائيل والغرب من اللامبالاة.

بينما أشارت مديرة مركز آسيا والشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية إيلينا سوبونينا إلى أن هناك شعور في موسكو بأن الدبلوماسية الروسية انتصرت على الدبلوماسية الأمريكية، وأكدت بأن هذه المهمة دون أدنى شك مهمة صعبة، وهذه الخطوة تتطلب خطوات لاحقة، وروسيا تدرك بأن استمرار هكذا حرب خطير على المنطقة، لأن سورية تتحول إلى بؤرة للإرهاب، وتتفق روسيا مع أمريكا بهذه النقطة.

ورأى المحلل السياسي حسين عبد الحسين من واشنطن، على أن المبادرة الروسية قدمت مخرجاً لباراك أوباما للخروج من الكونغرس والتوجه إلى مجلس الأمن، وتوجيه أصابع اللوم إلى روسيا بسبب عرقلة التوصل إلى حل في سوريا، وهناك تراجعاً من الروس بين الأمس واليوم ومحاولة لتضييع المبادرة الأساسية، ولكن حتى لو تراجعت روسيا فالفرصة ذهبية واقتنصها أوباما، فتوجيه ضربة عسكرية لسوريا لا زال قائماً من خلال ضربة محدودة ودون العودة إلى الكونغرس الأمريكي لأن المبادرة والدبلوماسية ستفشل حتماً.

هذا وأشار المحلل السياسي أمير موسوي من طهران إلى أن تراجع وتزعزع المواقف الأمريكية يرجع إلى أسباب وهي: قوة الإرادة الشعبية السورية وقوات الجيش العربي السوري، ولأن حلفاء سوريا غيروا المعادلة بصرامة مواقفهم، ولأن شخصية أوباما حوصرت بالزاوية من قبل الأطراف الخليجية وتركيا والكيان الصهيوني، والمعارضة السورية استفادت من لعبة الكيميائي وأخّرت الجيش النظامي على الأرض، وأكد موسوي على أن سوريا اجتازت مرحلة الخطر.

ولفت المحلل السياسي حسين الشبكشي من جدة إلى أن ما سينجح به الروس إذا تمكن لهم ذلك، أنهم سيحققوا الردع في خطاب أوباما بأن بشار لن يستخدم الكيميائي مرة أخرى، ولكنهم لم يحققوا موضوع العقوبة، فهيبة أمريكا العسكرية على المحك الآن، فإذا سمح لدمشق بتجاوز الخطوط الحمر فهذا يعني بأن دولاً أخرى ستجرب التجاوز، وبالتالي ستضيع هيبة أمريكا، وأشار إلى أن الوحشية عادت إلى النظام بعد أن اطمأن بأن الضربة لن تأتي، وهذه الوحشية كفيلة بأن تجعل من صانع القرار أن يتدخل، إما للضرب وإما للتسليح، ولا شكّ بأن شيئاً سيتغيّر على الأرض سيفاجئ الجميع، لا علاقة له بمجلس الأمن ولا بالاتفاقيات.

فهل ستثمر الدبلوماسية حلاً قريباً في سورية أم أن الراقصة الأمريكية الروسية لم تنهِ رقصتها التي طالت بعد على إيقاع الموت السوري..؟؟!!