مشاهد الموت في سوريا تسيطر على واقعنا، دماء تسيل من شاشات التلفزة نكاد نلمسها بأصابعنا، ودمارٌ يعبق بأنفاسنا لمجرد مشاهدة الأخبار اليومية والمواقف التعسفية المتراقصة على إيقاع الموت السوري، يعترينا شعور الألم الصارخ بصمت على هؤلاء الضحايا، ونخاف المشاركة في إثم الطرفين، نظام يبيد شعبه قبل الرحيل بشتى الوسائل، وثورة ابتلعتها سواطير التطرف. ولعل شعوراً آخر يعتري نفوسنا، ألا وهو "الغثيان" من مجتمعٍ دولي يعيش انفصاماً إنسانياً، أرّق غاز السيرين ثباته الطويل، واستفاق مخدّراً على أكثر من140 ألف ضحية في سوريا.

أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب وجهه إلى الشعب الأمريكي من البيت الأبيض يوم أمس على أنه من المبكر جداً القول أن مسعى دبلوماسي لحمل الرئيس السوري بشار الأسد على تسليم السيطرة على أسلحة بلاده الكيميائية سينجح، وحث الأمريكيين على مساندة عمل عسكري محتمل ضد سوريا. وجاء تصريحه هذا في إشارة إلى اقتراح قدمته روسيا. وأوضح قوله "أي اتفاق يجب أن يضمن التحقق من وفاء نظام الاسد بالتزاماته. لكن هذه المبادرة من الممكن أن تزيل خطر الأسلحة الكيميائية بدون استخدام القوة."

هذا وأشار أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي في وقت سابق ، بأن الرئيس باراك أوباما طلب من الكونغرس تأخير التصويت على التصريح بضربات عسكرية ضد سورية لمنح روسيا وقتاً لحمل سوريا على تسليم أي أسلحة كيميائية بحوزتها.

وجدد الرئيس الأمريكي في خطابه تأكيده على أن النظام السوري هو المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في ريف دمشق في الهجوم الذي أودى بحياة اكثر من ألف مدني، وان عدم التصدي لاستخدام النظام لهذه الأسلحة سيشجع إيران وغيرها على تطوير أسلحة دمار شامل.
وأعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن استعداد بلاده لكشف مواقع أسلحتها الكيميائية أمام روسيا والأمم المتحدة، مؤكداً رغبة دمشق في الإنضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية واستعدادها لتطبيق المبادرة الروسية بشكل تام.

بينما أشارت لجنة التحقيق الأممية الخاصة بسورية إلى زيادة عدد جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الحكومية السورية ومقاتلو المعارضة على حد سواء خلال الأشهر الماضية. وجاء في تقرير قدمته لجنة التحقيق برئاسة البرازيلي باولو بينيرو أن القوات الموالية للحكومة قتلت مدنيين وقصفت مستشفيات وارتكبت جرائم حرب أخرى خلال عمليات التقدم الأخيرة لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها المعارضة في وقت سابق. وحملت اللجنة مقاتلي المعارضة، بمن فيهم المقاتلون الأجانب، مسؤولية العديد من جرائم الحرب ومنها الإعدامات الميدانية وعمليات الخطف وقصف المناطق السكنية.

فهل ستنفع الدبلوماسية بإيصال ما تبقى من جسد سوريا الممزّق في العبور إلى ضفة الأمان، أم أن ياسمين الشام الأحمر ما عاد يحتمل المزيد من الأوجاع فبات ينتظر رصاصة الرحمة من جلّاديه..؟؟ وإلى ذلك الحين سيبقى الوطن العربي طبالأ في عرس قاتليه، بينما الإنسانية تتداعى..!!