فيما كانت الانظار مشدودة الى اللقاءات الاميركية الروسية للتباحث في كيفية حل الأزمة إنهائها، ثمة حدث بسيط برمزيته مهم بدلالاته كشف عمق التوافق الأميركي الروسي ليس فقط حول سورية بل حول القضايا العالمية أجمع.
قضية موظف المخابرات الاميركية ادوارد سنودن الذي هرب وسرب أسرار برامج تجسس أميركية كانت القشة التي قسمت ظهر بعير المراوغة الأميركية الروسية.
تقدم سنودن بأحد وعشرين طلب لجوء الى دول في أميركا اللاتينية وأوروبا وروسيا، إلا 
ان الأخيرة لم تقبل طلب اللجوء إلا بشرط، إذ بقي سنودن في مطار موسكو ثمانية أيام فيما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن:" سنودن حر في أن يغادر روسيا، اما اذا أراد البقاء فنحن نرحب به بشرط توقيف أي نشاط ضد مصالح شركائنا الاميركيين".
كلام بوتين أظهر مدى التنسيق بين موسكو وواشنطن في قضايا مهم، إذ إن موظف المخابرات الاميركية سرب وثائق تثبت تجسس بلاده على حلفائها الاوروبيين.
هذه الحادثة تعد بمثابة فضيحة سياسية لدولتين تتظاهران بالخصومة، لكنهما تسعيان الى تقاسم العالم من خلال نسج كل دولة تحالفاتها على حدى.
فالولايات المتحدة الاميركية غيرت وجهة اهتمامها من الشرق الاوسط نحو آسيا وتحديدا المحيط الهادي والمحيط الهندي الذي له موقع استراتيجي مهم، وقد أصدر البنتاغون العام الماضي وثيقة تحت عنوان "توجيه استراتيجي" يدعة الى تحقيق الولايات المتحدة لوجود عسكري فاعل في تلك المنطقة، خصوصا وأن التاريخ كرس ثابتة أساسية هي:" من يسيطر على أوراسيا يسيطر على العالم." فتلك المنطقة تشكل نصف سكان العالم ونصف الناتج الاقتصادي العالمي، وما التحالف العسكري الاستراتيجي بين أميركا واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين وتايلند، سوى تأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية حولت اهتمامها بعيدا من الشرق الاوسط، بهدف تعميق التعاون الاقتصادي بينها وبين حلفائها هناك لتقليص التوسع الاقتصادي الصيني.
أما روسيا فهي أيضا من خلال حلفائها في مجموعة البريكس تسعى الى الهيمنة على النصف الآخر من العالم، خصوصا ان الاميركيين يرودون الانسحاب من الشرق الاوسط وتسليمه الى روسيا، حيث حصلت اميركا على ما تريده من العراق والخليج ولم يعد لها هم سوى حماية الكيان الاسرائيلي التي تكفلها روسيا، وما يجري في سورية اليوم هو ترتيب لعملية التسليم والتسلم بين القوتين وهذا ما يبرر إطالة أمد الحرب السورية، لاستنزاف جميع القوى ومن ثم ايجاد تركيبة تناسبهما معا والدليل القاطع على ذلك كلام وزير الخارجية الاميركي جون كيري بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف إذ قال بعد الاعلان عن تأجيل مؤتمر جنيف 2 الى أيلول أنه أيا كانت الظروف ستحصل العملية الانتقالية في سورية، وبعدها بالتأكيد تتسلم روسيا زمام المبادرة بحث تلتزم الشركات الروسية إعادة إعمار سورية وإعادة تشكيل الجيش وتسليحه إضافة الى سيطرتها على النفط مجددا.